كتبت جوانا فرحات في المركزية:
منذ أربعة أعوام لم يشعر أهالي ضحايا المرفأ والضحايا الأحياء منهم بالأمل الذي يعيشونه منذ لحظة انتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية وإفضاء الإستشارات النيابية الى تكليف القاضي نواف سلام تشكيل حكومة العهد الجديد.
أمل عززه خطاب القسم الذي حاكى تفاصيل وجع وهواجس اللبنانيين. لكن الزخم جاء في ما ورد في خطاب التكليف للقاضي سلام حيث قال”حان الوقت لبدء فصل جديد …هذا كله لا يمكن الحديث عنه قبل أن نعمل لإنصاف ضحايا إنفجار مرفأ بيروت وتحقيق العدالة”. كلمات كافية لإعادة ضخ الروح في قلوب أهالي ضحايا المرفأ الذين استشعروا للمرة الأولى منذ 4 آب 2020 أن الذكرى والوقفة أمام ما تبقى من هيكل الإهراءات وتمثال المغترب لن تكون كسابقاتها. لا بل سيتوجهون إلى حيث لا تزال رفات عدد كبير من الضحايا وهم يحملون القرار الظني حتى لا يقتلوا مرتين.
إنتظار فجر العدالة من جديد لن يطول بعد اليوم. هذا ما يتوقعه أهالي الضحايا مع سقوط عهد الإستقواء بالسلاح والدويلة التي كانت تقبض على مفاصل الدولة وتمنع القضاء من العمل سواء في مسألة التحقيق في جريمة تفجير المرفأ او مثول أبرز المدعى عليهم . حتى طريق العدالة بات أقصر بعدما تحولت فزاعة “قبع” البيطار إلى كابوس يلاحق صاحبه المدان بألف جريمة وجريمة .
ما سمعه الأهالي عن إصرار القاضي البيطار على إعادة فتح الملف قريباً والاستماع إلى من طلب الاستماع إليهم من رجال سياسة وأمن وقضاء بعد أن تخلفوا عن ذلك لأسباب باتت معروفة، وإصراره على إصدار مذكرات توقيف غيابية بحقهم في حال استمروا في الامتناع عن الخضوع للتحقيق، كل هذا عزز الأمل. لكن تبقى التعقيدات القانونية التي لا تزال تعرقل المسار و”هذا ما يؤكد على مخاوفي ” يقول إيلي حصروتي نجل الضحية غسان. ويضيف” القصة لا تتعلق بوجهات نظر فنحن نسير وفق القانون فإذا كانت هناك عراقيل يجب الكشف عنها لتذليلها حتى تأخذ العدالة مجراها” .
مراهنا على الزخم، يؤكد حصروتي أن الخطوات التي سيتخذها البيطار ستكون المحك و”يمكن من خلالها أن نبني على الشيء مقتضاه. لكن أن نبقى في دائرة الإلتباس والتناقضات فهذا لم يعد مقبولا. كفانا انتظارات وخيبات. 4 أعوام وقفت حياتنا”.
ويختم حصروتي بالزخم الذي يبثه العهد الجديد ” طيلة 4 أعوام كانت لدينا مهمة هي الإبقاء على ملف تفجير المرفأ مفتوحا حتى تأتي اللحظة المناسبة والظروف الملائمة، على رغم كل محاولات إقفاله وطمس الحقيقة تارة بالترهيب وأخرى بالترغيب. وأتمنى أن نكون دخلنا تلك اللحظة وأدينا المهمة لأنو تعبنا”.
أجواء التفاؤل المنوطة بالدور الذي ستلعبه السلطة التنفيذية بعد تشكيل الحكومة تنسحب أيضا على المحامي يوسف لحود من مكتب الإدعاء الذي يأمل أن يكون الرهان على العهد الجديد على مستوى آمال اللبنانيين. ويلفت إلى أن الأمل عاد إلى أهالي ضحايا المرفأ والضحايا الأحياء من لحظة انتخاب العماد جوزف عون وسماعهم خطاب القسم .وتراكم هذا الأمل في خطاب الرئيس المكلف تشكيل الحكومة القاضي نواف سلام الذي أكد فيه على ضرورة تحقيق العدالة في قضية تفجير مرفأ بيروت. والمطلوب اليوم أن يصار إلى ترجمة هذه الآمال عبر تشكيلات قضائية وتعيينات قضائية لاستكمال نصاب القضاء الأعلى”.
قد لا يكون مجلس القضاء الأعلى وحده الذي ينتظر تشكيل الحكومة إذ لا دور لها في اتخاذ قرارات قضائية، إنما في تسهيل عمل السلطة القضائية لناحية التشكيلات القضائية وعدم التدخل في شؤون السلطة القضائية إنطلاقا من مبدأ فصل السلطات الوارد أصلا في الدستور .وعليه يتابع المحامي لحود “الأمل كبير بأن يتم تطبيق الدستور لا سيما في ما يتعلق بمسألة الفصل التام وإرساء استقلالية السلطة القضائية عبر مشروع قانون يصدر عن مجلس النواب”.
في العراقيل الموضوعة أمام البيطار يؤكد لحود أنه قادر على تذليلها. “ففي ما يتعلق بالتبليغات يمكنه أن يتخطى النيابة العامة التمييزية ويبلّغ عبر دائرة المباشرين أو الضابطة العدلية إلاّ إذا أبدت عدم التعاون بناء على تعميم النيابة العامة التمييزية السابقة. آنذاك يذهب إلى خيار دائرة المباشرين. أيضا هناك صعوبة في إصدار القرار الظني في حال عدم إبداء النيابة العامة التمييزية نية التعاون مع المحقق العدلي. والحل هنا يتوقف على النيابة العامة التمييزية”.
في مسألة مثول المدعى عليهم، يشير لحود الى”أن المسالة تتوقف على موعد الجلسات ومن هم الأشخاص الذين سيستدعيهم القاضي البيطار للمثول أمامه. وفي حال عدم الحضور يفترض على المدعى عليه أن يقدّم عذرا ويقبل به البيطارأو لا، أو دفع شكلي يوافق عليه المحقق العدلي أو لا، أو لا يمثل . عندها يمكن للقاضي البيطار أن يصدر مذكرة توقيف غيابية في حق المدعى عليه، أو جلبه بالإحضار أو تكرار دعوته أو أن يترك الأمر إلى حين صدور القرار الظني على أن يبني على الشيء مقتضاه. ويمكن للمحقق العدلي أن يأخذ التدبير المناسب في القرار الإتهامي كما يمكن اعتباره فاراً من وجه العدالة”.
أقصر مما يتوقعه البعض، فإن مهلة إصدار القرار الظني في جريمة تفجير المرفأ لن تتجاوز بضعة أشهر على ما يؤكد المحامي لحود، فالعدالة المتأخرة ليست بعدالة ونأمل أن يكون المسؤولون على مستوى خطورة جريمة العصر غير المسبوقة”.