بقلم : سعيد الحسنية
جاء إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن وقف “جنون التحول الجنسي” منذ اللحظة الأولى لتوليه رئاسة الولايات المتحدة، ليُفتَح باب الجدل حول مفهوم التخنيث الجنسي بشكل واسع، ليس فقط في أميركا، بل في مختلف أرجاء العالم. لقد شكل توقيع ترامب على مراسيم استبعاد المتحولين جنسياً من الجيش والمدارس خطوة قد تساهم في الحد من تشويه الأطفال جنسياً في الولايات المتحدة، ولكن ماذا عن الأطفال في بقية أنحاء العالم؟ والأهم من ذلك، إذا كانت هذه القرارات ستحد من انتشار التخنيث الجنسي، فكيف يمكننا الحد من “التخنيث السياسي”؟ وفي لبنان على وجه الخصوص، حيث تكتسب هذه الظاهرة أبعاداً أخطر وأكثر تأثيراً على الوطن بكامله.
ترامب، الذي تعهد بإبعاد الرجال عن الرياضات النسائية، أكد أن السياسة الرسمية للولايات المتحدة تقوم على مفهوم وجود جنسين فقط: الذكر والأنثى. فهل يأتي يوم يتعهد فيه الرئيس اللبناني بإبعاد “المخنثين السياسيين”، من جميع الأطياف، عن ساحة السياسة والإدارة في وطن الأرز؟
في هذا العالم الشاسع الذي يضج بالكائنات الحية العجيبة، بعضها يشبهنا، نحن البشر، يمكننا مشاهدة العديد من هذه الكائنات، بما فيها “المخنثون” أو المتشبهون من الرجال بالنساء والعكس، أولئك الذين يصعب علينا تحديد هويتهم الجنسية من دون فحص دقيق. وفي لبنان، حيث تلتقي التناقضات والتنوعات، كل شيء ممكن، فكما يمكن أن نجد فتاة تتصرف كالشاب، نجد فتى يظهر كالذكر ولكن تصرفاته تُحاكي الأنثى. وأحياناً، قد يصادفنا لبنانيون لا يحملون من وطنهم سوى الجنسية، أما ولاؤهم فموجه إلى الخارج.
في لبنان، ليس غريباً أن نجد “مخنثين سياسيين” يتصارعون على السلطة، يتنافسون على تقديم الولاء لأطراف خارجية. هؤلاء السياسيون، الذين يختلفون في كل شيء، يشتركون في مفهوم “التخنيث السياسي” الذي يعني أنهم مجرد أدوات أو عملاء في يد القوى الخارجية، يتفاخرون بانتمائهم إلى دول أخرى ولا يهتمون بانتمائهم إلى وطنهم.
ورغم أن مصطلح “المخنث السياسي” ليس شائعاً في مجتمعاتنا، إلا أن معناه الدقيق في اللغة الإنجليزية (political Androgynous) يكشف عن غموض هذه الفئة، فهي لا تملك هوية ثابتة، بل تميل إلى استغلال الفرص لخدمة مصالح الخارج. ورغم عدم تداوله كثيرا في الخطاب السياسي، يعبر هذا المصطلح بشكل مركز عن عدم وضوح هوية المخنث السياسي، بالضبط كما تعني في العربية من ناحية جنس الفرد ذكرا كان أم أنثى، بل يظهر رمادي اللون، يميل إلى انتهاز الفرص التي تسنح له بالحركة فهي مجاله الحيوي، خاصة في الأزمات وأبان عمليات التغيير الحادة، تلبية لمصالح أساده في الخارج، وقد طفحت على العلن بعد انتخاب الرئيس الجديد إلى السطح بشكل وقح، أفواجا من هؤلاء المخنثين سياسيا، يدعون جميعهم أنه إصلاحيين، وحتى بدأت أوضح عملية ظهور للمخنثين بل اكبر عملية تصنيع للخناثة السياسية في لبنان.
مع انتخاب الرئيس اللبناني الجديد، ظهرت على السطح بشكل جلي العديد من الشخصيات “المخنثة” سياسياً، الذين يدعون الإصلاح، بينما هم في الواقع جزء من صناعة الخناثة السياسية في لبنان. هؤلاء السياسيون يتنقلون بين الأدوار والمواقف، يتلونون كالحيّة في مواجهة التغيرات، وهم يتفننون في استغلال كل فرصة لتسلق المناصب، سواء المالية أو الإدارية.
التخنيث السياسي ليس ظاهرة نادرة كما يظن البعض، بل هو متغلغل في صميم الحياة السياسية والاجتماعية اللبنانية، حتى وإن بقي مخفياً في بعض الأحيان. وما من شك أن هذه الظاهرة تستمر في الانتشار بفضل المصالح والولاءات الخارجية، التي يعتمِد عليها الكثيرون في بقائهم.
اعتدنا دائما توجيه الملامة إلى رجال السياسة وأصحاب القرار، متناسيين أننا نحن من رضي بهم حكاماً على رقابنا يتحكمون بمصيرنا ويتلاعبون بأحلامنا، غير عابئين بآمالنا وكل همهم هو كرسيهم. طبعا الذنب ليس ذنبهم، فهو بكل بساطة ذنب الناس العاديين، أجل أنه ذنبكم أيها “الشعوب اللبنانية”، فكما تكونوا يولى عليكم . فلو لم يكن الوضع على ما هو عليه لما استبد بنا الساسة المخنثين ولما تفشت في وطننا ظاهرة التخنيث سواء السياسي أو الجنسي.