سلايدات

دولة الرئيس… ليس كل الإعلاميين “شعراء بلاط”!

كتب رامي نعيم في نداء وطن:

لا يعرفُ رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام أنّ من حقّنا انتقاد طريقة تشكيله للحكومة. ومن حقّنا التصويب على من نراه غير مؤهل أو غير مناسب للتوزير في تشكيلته. ومن حقّنا أن نضغط إعلاميّاً في سبيل دفعه إلى تحسين خياراته وتحصينه بوجه الثنائيّ الشيعي.

لا يعرف سلام حقوقنا ولا دورنا، وهو قاضٍ لم يعتد على الإعلام ولم يعتَد الإعلاميون عليه. لكنّه اليوم، مجبر على تقبّلنا وعلى الاستعانة بنا في الكثير من الأحيان. وعليه تحمّل انتقاداتنا والتكيّف مع نبرات أصواتنا. وإذا كان سلام اليوم محاطاً ببعض الإعلاميين فهذا يريحنا. لكنّنا نطالبهم بإفهامه أن ليس كل الإعلاميين “شعراء بلاط” وكفى.

لن نتعاطى مع سلام إلّا وفق ما تفرضه علينا مشهدية التشكيل. وهو بدا أمس في بعبدا غير خائف من سطوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي السياسية ومنسجماً مع رؤية رئيس الجمهورية جوزاف عون الإنقاذية، وقادراً على قول “كلّا” بقدرته نفسها على قول نعم. خرج برّي من الباب الخلفيّ لقصر بعبدا في إشارة إلى الحَرَد السياسي وعدم القدرة على المواجهة. في الشّكل، كان سلام موفّقاً ولو أن الحكومة ستتأخر لتبصر النّور، لكنّ في تأخيرها خيراً، خصوصاً وأن برّي أعطى الصورة الحقيقية لتعاطي “الثنائي” الشيعي مع الاستحقاقات. أي، إمّا نأخذ ما نُريد أو لا تأخذون شيئاً.

لكن، في الشّكل أيضاً ارتكب سلام ثلاثة أخطاء فادحة: أوّلها، عدم احترام معايير انتقاء الوزراء فحدّثنا بالجنة واقترب من المطهر. وهنا برز الخطأ بالإطاحة بالمعايير، فأعطى بعض الأفرقاء وزارات خدماتية وسيادية، في وقت امتنع عن اعطاء “التيار الوطنيّ الحرّ” صاحب الـ 13 نائباً وزارة وازنة ومن دون أي تبرير.

ثانيها، وفي الملاحظات أيضاً، اعتدى سلام بحصّته التي وصلت إلى سبعة وزراء على حصّة رئيس الجمهورية الذي اكتفى بحقيبة واحدة. فاستولى على خمسة وزراء سنّة ووزيرين مسيحيّين. وبات يحتاج إلى وزير إضافيّ ليستأثر بالثلث المعطّل.

أما الخطأ الثالث فهو في توزير ثلاث شخصيات سبق وكانوا وزراء في حكومات مسؤولة عن فساد ماليّ وعن تجاوزات كبيرة في ملفات عدّة.

وإذا كان انتقادنا لنائب رئيس الحكومة العتيدة طارق متري قد أزعج بعض المستفيدين منه على الصعيدين المادي والوظيفي، إلّا أننا نملك الحق في رفض توزير شخصية سياسية ولأي فريق انتمت للمرة الخامسة، خصوصاً في عهد أقسم اليمين على تحسين لبنان وعلى محاربة الفساد وعلى تغيير ذهنية العمل السياسي.

كيف يمكن لرئيس مكلّف أن يُقنع اللبنانيين أن لا بديل عن طارق متري وأن بعدم توزيره ستُقفَل أبواب الخارج في وجوهنا؟ ولماذا يهلّل بعض الإعلاميين لوزير دون سواه؟ وهل يرحّبون هؤلاء بإعادة توزير من سبق وأن أخذوا دورهم؟ هل فشلت الأرحام لدى الطائفة الأرثوذكسية في لبنان في إنجاب من يستحقّون التوزير غير طارق متري؟

وهنا يبرز موقفنا قبل رفض توزير متري ضد توزير ياسين جابر في حقيبة المالية وهو نال نصيبه مع رئيس الحكومة المكلّف من الانتقاد الشديد. حتى الوزير غسان سلامة، وعلى الرغم من الإجماع حول قامته الثقافية، إلا أن في لبنان من يستحقون فرصة.

هدّئوا من روعكم، ولا تختلقوا معارك وهمية دونكيشوتية إرضاء لرئيس مكلّف من هنا ولمرجع سياسيّ أو مموّل من هناك. وتأكدوا أن سلام، وإن نجح بالتأليف غداً وهذه أمنيتنا، فهو لن يجلس في السراي الكبير أكثر من سنة وبضعة أشهر، فالانتخابات قريبة ومستقبل لبنان لا يقف عند رئيس مكلّف من هنا وصحافيّ مكلّف من هناك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى