سلايدات

الولادة الوزارية في قفص إحكام القبضة على حزب الله وتصفيته سياسياً

كتب أنطوان الاسمر في اللواء :

لا حكومة مكتملة بعد .. والقرار ١٧٠١ وملحقاته علّة وجودها وانتفائها

تعثّرت ولادة الحكومة، أو ربما لم تحن ساعتها بعد. ولا يبدو أن الأيام الثلاثين منذ التكليف قد وفّرت الظروف المناسبة للولادة، وإن لا يزال نواف سلام بعيدا عن الخروج عن مهل أسلافه في السنوات العشرين الفائتة.
وبات واضحاً أن التعثّر ناتج من أمرين:
-إصرار الثنائي حركة أمل وحزب الله على احتكار التمثيل الشيعي. وهذه ورقة توازي ورقة وزارة المال أهمية وتموضعاً، وتُبقي في متناولهما القدرة على تعطيل الحكومة عند أي مفترق يعدّانه مصيرياً، بحجّة الميثاقية. والميثاقية في هذا المقام لا تصطلح ولا تستوي، لأنها بتكوينها وتعريفها تتوزّع بين الجناحين المسيحي والمسلم، لا بين المذاهب في حدّ ذاتها. وإلا يكفي أن يغيب مكوّن أقلوي عددياً، كالعلويين في المجلس النيابي والأرمن في الحكومة، لكي تتعطّل المؤسستان. لكن الحاصل أن المفهوم جرى تقزيمه عند المسلمين، ليضحى موزعا – مقسّما على السنّة فرادة، والشيعة فرادة، والدروز فرادة، فيما يصير مفهوما لا يتجزأ عندما يتعلّق الأمر بالمسيحيين، فيؤخَذون بجريرة بعض، كتلةً واحدة، سواء كانوا موارنة أو أرثوذكس أو كاثوليك أو أرمن أو سريان أو أشوريين أو إنجيليين أو أقباط…
-التهديد الأميركي الصريح، غير القابل للتأويل، برفع الغطاء عن الرئيس المكلف نواف سلام وحكومته والامتناع عن أي مساعدة أو مساهمة في حال قبِل بتمثيل حزب الله فيها، أو تراجع عن الهدف الرئيس للحكومة، نواة بيانها الوزاري، وعلة وجودها، والمقصود القرار ١٧٠١ وملحقاته الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. وقد تولّت مورغان أورتيغاس، نائبة مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، نقل التحذير الرئاسي الأميركي متوسّلة لغة فجّة، غير ديبلوماسية، علّ الرسالة تصل بالوضوح المُراد.

الأرجح أن الرئيس المكلّف التقط المغزى الأميركي فترجمه تصلبا في الاسم الشيعي الخامس، وفي ظنّه أن إصراره هذا سيمنحه مزيدا من الوقت لمقاربة التحذير، فيما ترجمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري تصلُّباً، وفي ظنّه أن الكلمة الفصل في اختيار الوزير الشيعي الخامس ستكون حصرا بين يديه، بعدما تيقّن كذلك أن التحذير الأميركي هو في الحقيقة استهداف مباشر للحزب ومحاولة لتصفيته سياسيا استكمالا لهزيمته العسكرية.
حضر هذا الصاعق بكليّته في الاجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا مساء الخميس، فكانت الشرارة التي حرّرت الصاعق ليحصل الانفجار. والاجتماع، للمناسبة، يحيط به الكثير من اللبس والالتباس في الشكل كما في المضمون، بدءًا من دعوة بري إليه على الرغم من أن لا صيغة حكومية كاملة في جعبة سلام خلافا لما سبق الاجتماع من تسريبات، مرورا باستدعاء الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية لتحضير مراسيم حكومة غير جاهزة لا عددا ولا أسماء ولا حقائب، وليس انتهاءً بالمواجهة الكلامية غير المسبوقة بين بري وسلام والتي تركت ما تركت من ندوب في العلاقة الشخصية بينهما. ويُظهر هذا التسلسل أن ثمة من رمى إلى إحراج الرئيس المكلف (ربما لإخراجه) وإلى جعله بمظهر العاجز عن المبادرة أو الإدارة الصحيحة والسليمة لملف التأليف، الأمر الذي بات سلام على بيّنة منه، وإن لا يزال يؤكّد أن الاعتذار ليس واردا عنده. ولا يحجب هذا كلّه حقيقة أن ثمة قطبة مخفية ما كانت السبب في التعثّر الحكومي، تتعدى مسألة الوزير الشيعي الخامس، وترتبط ارتباطا وثيقا بالدور المتخيَّل لحكومة العهد الأولى، جنوب الليطاني كما شماله. وتتخذ هذه العقدة أشكالا متعددة محلية وخارجية تكاد ترهق الرئيس المكلف الذي بات على دراية ممّا ستأتيه به الأيام القليلة المقبلة من تطورات، بعضها بالتأكيد لم يتحسَّب له يوم قبِل بمهمة التكليف، تاركا وراءه رئاسة محمكة العدل الدولية حيث التحديات لا تشبه بشيء التحديات اللبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى