سلايدات

الحدود الشمالية ورقة ضغط لضبط فلتان”عشائر التهريب” …خطوات يجب اعتمادها والا!

 كتب جوانا فرحات في المركزية:

كأن مشهد الإشتباكات على الحدود اللبنانية –السورية بين عصابات التهريب والقوات التابعة لهيئة الإدارة السورية الجديدة بات من مسلمات عملية إغلاق منافذ “تهريب الأسلحة والممنوعات”.

هذا في ظاهر المشهد من الصور والفيديوهات التي يتم تناقلها عبر وسائل التواصل الإجتماعي وتظهر أن المعارك  باتت تأخذ منحى تصاعديا مع دخول المسيرات على الخط من قبل ” عشائر الهرمل” وأن القتال يدور مع عناصر هيئة تحرير الشام  ومجموعات مرتبطة بحزب الله.

شرارة الإشتباكات الأخيرة انطلقت في 6 شباط الجاري مع دخول عناصر من هيئة تحرير الشام تحت ستارة “قوات الإدارة السورية الجديدة” بلدة حاويك الحدودية في منطقة الهرمل شمال شرق لبنان، بعد تصديها لمحاولة تقدم لحزب الله في منطقة القصير، وأدت الإشتباكات مع عشائر مرتبطة بحزب الله إلى مقتل جنديين في هيئة تحرير الشام وأسر اثنين آخرين. إثر ذلك أرسل الجيش السوري تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، وداهم البلدة واعتقل 15 شخصًا يرتبطون بحزب الله .

مع استمرار الإشتباكات التي امتدت إلى منطقتي جرماش وقنافذ الحدودية توصلت الحكومة السورية والعشائر اللبنانية إلى اتفاق لتبادل الأسرى، حيث أفرجت العشائر عن اثنين من أعضاء هيئة تحرير الشام وسلمت جثة القتيل. في المقابل أفرجت هيئة تحرير الشام عن 16 امرأة وطفلًا من قرية مجاورة.

مصادر مطلعة على مجريات الواقع عند الحدود الشمالية تقول لـ”المركزية”  أن جذور هذه التوترات بدأت مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول 2024،  حيث بدأت قوات الإدارة السورية الجديدة بعمليات “تنظيف” المنطقة التي تضم عدداً من البلدات اللبنانية ضمن الجغرافيا السورية من تجار المخدرات والمهربين، وجعلِها منطقة منزوعة السلاح بعد أن استباحتها العشائر التابعة لحزب الله على مدى سنوات، وأنشأت فيها معامل الكبتاغون ومخازن الأسلحة، وشكلت له منفذاً استراتيجياً إلى سوريا ولبنان.

أسباب الاشتباكات المستمرة منذ الخميس الماضي متضاربة. ووفق المصادر فإن الحملة التي تشنها عناصر القوات السورية تستهدف مهربين ومطلوبين متورطين في تهريب الأسلحة والممنوعات. في المقابل، في حين اكتفت الدولة اللبنانية بالإشارة إلى أن”اشتباكات تدور بين الأمن السوري ومسلحين من عشائر لبنانية في المنطقة الحدودية، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى”. وتضيف أن مصير نوح زعيتر لا يزال مجهولا “لكن لا شيء يؤكد مقتله في الإشتباكات وهذا أيضا ما أكدته مصادر مقربة من عائلته”.

ما ليس خافياً أن الحدود اللبنانية السورية، التي تمتد بطول 330 كيلومترًا، غير مرسمة في أجزاء كبيرة منها، مما يجعلها منطقة نشطة لعمليات التهريب. وتسعى السلطات السورية الجديدة إلى فرض سيطرتها على هذه المناطق لمنع التهريب وتعزيز الأمن. ولا تستبعد المصادر أن يتحول الوضع على الحدود الشمالية بين لبنان وسوريا إلى ورقة ضغط يستخدمها النظام السوري الجديد لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من لبنان. وما يعزز هذا الطرح محاولات السيطرة على التهريب التي يسعى إليها النظام بعد تغييرات القيادة في سوريا بهدف فرض سيطرته الكاملة على الحدود، خاصة في ما يتعلق بتهريب المخدرات والأسلحة. وهذا الأمر يساعد إلى حد كبير في تحسين صورته دوليًا والتفاوض مع دول إقليمية على تنازلات معينة مقابل ضبط الحدود.

بالتوازي، تلفت المصادر إلى أن مساعي النظام السوري الجديد التضييق على التهريب الذي كان نشطاً في زمن نظام الأسد قد يتحول إلى وسيلة للضغط على لبنان، الذي يعتمد في جزء من اقتصاده الحدودي على التجارة غير الرسمية مع سوريا، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية. وقد يستخدم النظام الجديد التوترات الأمنية على الحدود كورقة ضغط في المفاوضات مع لبنان حول قضايا مثل عودة اللاجئين السوريين، أو إعادة فتح قنوات دبلوماسية مغلقة، أو حتى تحسين علاقاته مع الدول الخليجية والغرب.

ولا تستثني المصادر احتمال أن تكون هذه الإشتباكات والأسباب المعللة التي يظهرها النظام الجديد بمثابة رسائل غير مباشرة إلى أطراف دولية وإقليمية، مثل إيران وروسيا ودول الخليج، مفادها أن هناك عملية إعادة ترتيب للنفوذ داخل سوريا، وأن النظام الجديد لديه توجهات مختلفة عن المرحلة السابقة.

ضبط عمليات التهريب على الحدود اللبنانية-السورية يتطلب مقاربة شاملة تشمل الإجراءات الأمنية، التعاون السياسي، والإصلاحات الاقتصادية. ومن الخطوات الواجب اعتمادها قبل أن يتحول مشهد الإشتباكات على الحدود إلى سيناريو أمني يصعب ضبطه في حال فلتان الوضع، العمل على تعزيز التنسيق بين الدولتين لضبط الحدود من الجانبين، وإنشاء مراكز مراقبة مشتركة، وتفعيل التعاون الأمني على المعابر الرسمية وغير الرسمية لضبط الحركة غير الشرعية.

أيضا هناك الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الواجب النظر به وفق المصادر لا سيما بعد سقوط نظام الأسد ومن أبرز الخطوات، توفير فرص عمل بديلة لسكان المناطق الحدودية وغالبيتهم من العشائر الذين يعتمد بعضهم على التهريب كمصدر دخل، وترشيد دعم المحروقات والسلع الأساسية في لبنان لمنع تهريبها إلى سوريا. وتشدد المصادر على أهمية مكافحة الفساد داخل الأجهزة المعنية ومراقبة العناصر الأمنية والجمارك عبر تشديد العقوبات والمحاسبة لمنع أي تواطؤ مع المهربين، واعتماد أنظمة إلكترونية شفافة للحد من التلاعب في البيانات الجمركية والمعاملات الحدودية، وطلب دعم تقني ولوجستي من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدرات ضبط الحدود.

يبقى الأهم وهو فرض عقوبات على شبكات التهريب واستهداف الأفراد والشركات المتورطة في التهريب عبر قرارات دولية، “وإلا قد نصحو يوما على مشهد أمني خطير على الحدود الشمالية لا يقل خطورة عن الوضع القائم منذ أعوام على الحدود الجنوبية مع إسرائيل” تختم المصادر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى