سلايدات

وزارة المهجّرين… “القوات” على تماس مع مناطق “الحزب”

كتب كبريال مراد في نداء الوطن :

نشر في الرابع من كانون الأول 1993، القانون رقم 190 في الجريدة الرسمية، معلناً استحداث وزارة شؤون المهجّرين، وهدفها تأمين عودة اللبنانيين إلى مناطقهم وقراهم، وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وتمكينهم من الاستقرار في أماكن إقامتهم. بعد 32 عاماً، تؤول الوزارة إلى الوزير كمال شحادة، غير الحزبي من حصّة “القوات اللبنانية”، في ضوء الحديث عن تغيّر وجهتها وأهدافها.

خلال البحث بتشكيل الحكومة وكيفية توزيع الحقائب فيها، لم تكن الوزارة في سلّم الأولويات لدى القوى الراغبة في الدخول إلى الحكومة. وطرحت تساؤلات عن أسباب استمرار العمل بها، لتأتي المفاجأة بتولّي شحادة الحقيبة، بعدما كان الحديث عن تسلّمه حقيبة الاتّصالات. ليتبيّن أنّ لهذه الوزارة أهمية كبرى في المرحلة المقبلة، لارتباطها بملف عودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم، وإعادة إعمار بيوتهم التي هدّمتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.

وفي هذا السياق، يؤكد الوزير شحادة لـ “نداء الوطن” أن “أولويّته أن هناك إدارة في الجمهورية اللبنانية، هي وزارة المهجّرين ومعها الصندوق الوطني للمهجرين، ولديهما خبرة واسعة في إعادة إعمار المنازل والقرى التي تهدّمت، وعلينا الاستفادة من هذه الخبرة لمساعدة إخواننا اللبنانيين. وطاقم الوزارة قادر على القيام بذلك”.

ما سبق سيضع “القوات” على تماس مع مناطق نفوذ “حزب اللّه” و”حركة أمل”. وسيطال عمل الوزارة الضاحية الجنوبية والبقاع ومختلف مناطق الجنوب. فهل سيحصل ذلك بسلاسة؟ المسألة ستبقى رهن التنفيذ، بينما تشدّد “القوات” في هذا الإطار على “التمييز من جهتها بين الموقف السياسي والتعاطي الوزاري والخدماتيّ الذي لا يميّز بين مواطن وآخر”. وتقول: “تجربتنا في الوزارات التي استلمناها سابقاً والتي لها الطابع الشعبي أثبتت ذلك”.

تتراوح كلفة إعادة الإعمار بين 8 و10 مليارات دولار، وهو مبلغ غير متوفّر بالطبع في خزينة الدولة، ويتطلّب الحصول على مساعدات خارجية. من هنا، يرى شحادة في حديث لـ “نداء الوطن”، “ضرورة لتأطير ذلك ووضعه بإطاره الصحيح وإدارته بالشكل السليم، لتثق الدول المانحة بأن الأموال ستصل إلى أصحاب الحق، وهو ما يحتاج إلى إعادة النظر بحوكمة إدارة الأموال بالتنسيق مع مجلس الوزراء والوزارات الأخرى”.

لا تريد “القوات” أن تأتي الأموال إلى أحزاب أو جمعيات أو بلديات، بل عليها أن تمرّ عبر الحكومة والوزارات، لضمان عدم حصول تنفيعات على حساب المستحقين من الناس. وهو التوجّه الذي بات يعبّر عنه المجتمع الدولي المانح، لا سيّما بعد التجربة غير المشجّعة التي رافقت مرحلة إعادة الإعمار بعد انفجار الرابع من آب 2020. يومها “نبّتت” جمعيات واختفت، فهدرت نسبة من الأموال من دون أن تصل إلى مستحقّيها.
من هنا، تصرّ “القوات اللبنانية” على أن مرور المساعدات بالقنوات الدولية، يحول دون حصول هدر، أو “إيد وإجر” فتستفيد تنظيمات مسلّحة من الأموال، في إشارة إلى “حزب اللّه”. وتقول مصادرها: “في العام 2006، تسلّم “حزب اللّه” ملف إعادة الإعمار، فقال للناس إن إعادة الإعمار تمرّ عن طريقه. أما اليوم، فالأوضاع تغيّرت، والمسألة يجب أن تمرّ بالدولة اللبنانية ووزاراتها وإداراتها”.

هذا من حيث المبدأ والرغبة. بينما العبرة ستبقى في التطبيق. فهل تنجح “القوات” في هذا الملف؟ وهل سيترك لها “اللعب” وحيدة في ملعب إعادة الإعمار والعودة؟ الإجابة رهن الرغبة لدى الجميع في تقديم صورة مختلفة عن السابق. فمنذ العام 1993، كانت وزارة المهجّرين بمثابة “الدجاجة التي تبيض ذهباً” وسط اتهامات عن تنفيعات ورشاوى. فهل ستتمكّن القوات من تغيير الصورة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى