
توجه رئيس الحكومة نواف سلام بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بكلمة قائلا: “السيدات والسادة،اسمحوا لي بداية أن أتوجه، في هذه المناسبة، يوم المرأة العالمي، بأحرّ التهاني إلى جميع النساء، ولا سيما القياديات في القطاعين العام والخاص، والعاملات في الإدارات والمؤسسات العامة والدولية، والناشطات في المجتمع المدني. وأخصّ بالتحية جميع النساء والفتيات اللواتي يعانين من الظلم، ويأملن في تحقيق حقوقهن وإنصافهن.
أصحاب المعالي والسعادة،
الحضور الكريم،
يسرّني أن يكون السراي الحكومي اليوم منبرًا للاحتفال باليوم العالمي للمرأة، الذي يتزامن هذا العام مع الذكرى الثلاثين لإعلان بيجين، الذي لا يزال يشكّل الإطار الأكثر تقدمًا عالميًا لتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.
لقد مرّ لبنان خلال العقود الأخيرة بتحديات كبرى، من أزمات سياسية واقتصادية إلى أوضاع اجتماعية وأمنية صعبة، بالإضافة إلى الحرب الإسرائيلية عليه، وقد أثّرت هذه الأزمات بشكل خاص على النساء والفتيات. إننا ندرك تمامًا أن أي عملية تعافٍ وإصلاح حقيقي لا يمكن أن تكتمل من دون أن تكون المرأة شريكة فاعلة في العملية التنموية، إذ إن ضمان مشاركتها الكاملة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو ركن أساسي لتحقيق التقدّم المستدام”.
وأضاف :” خطا لبنان في السنوات الأخيرة، وبفضل جهودكم ومثابرتكم، خطوات ثابتة نحو تعزيز المساواة بين الجنسين، سواء على الصعيد التشريعي، عبر إقرار عدد من القوانين الجديدة، أو على مستوى الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية التي شاركت العديد من الوزارات والمؤسسات في إعدادها، وكان آخرها إقرار الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية. ومع ذلك، ورغم كل الجهود المبذولة، لا يزال لبنان يحتل المرتبة 133 عالميًا، والثامنة عربيًا على المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين، ما يعكس حجم التحديات التي لا تزال تواجهنا”.
وتابع: “إن تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين لا يقتصر على تعديل القوانين فحسب، بل يتعداه ليشمل جميع المجالات الاستراتيجية التي تصب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، مما يجعل من المساواة ركيزة أساسية لتعزيز الديمقراطية والحوكمة الرشيدة.
لذلك، وانطلاقًا من التزاماتنا الوطنية والدولية، وضعت حكومتنا، حكومة الإصلاح والإنقاذ، في بيانها الوزاري هدف تعزيز المساواة بين الجنسين وترسيخ مبادئ الشمولية والمساءلة والاستجابة للنوع الاجتماعي في مؤسسات الدولة وسياساتها العامة. وأكرر هنا التزامنا بما ورد في البيان الوزاري:
“نريد دولةً حريصةً على مقاربة قضايا النساء من منظور الحقوق والمساواة في المواطنة”.
وهذا يستدعي إعادة النظر في القوانين التمييزية والعمل تشريعيًا وتنفيذيًا وفق سياسات تكرّس المساواة وتضمن مشاركة النساء الفاعلة في صنع القرار.”
وقال: ” الحضور الكريم، واجبنا اليوم هو تسريع تنفيذ إعلان بيجين بشكل كامل، والمضي قدمًا في الإصلاحات الضرورية لإزالة العوائق القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي لا تزال تحول دون تقدّم المرأة، لا سيما في ما يتعلق بتوسيع مشاركتها في صنع القرار وتعزيز دورها في قيادة المؤسسات. فالمساواة ليست مجرد حقّ للمرأة، بل ضرورة تنموية لنهوض لبنان.
إننا في حكومة الإصلاح والإنقاذ، ندرك أن المسؤولية في تحقيق هذه الأهداف هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة وشركاء التنمية، من منظمات غير حكومية، وقطاع خاص، وجهات مانحة. ومن هنا، أدعوكم جميعًا إلى العمل مع مؤسسات الدولة التي عانت ما عانته من انهيار وترهّل وضعف، لإعادة إحيائها ودعمها، وتوفير الموارد المالية والتقنية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.”
وأضاف :”إن استعادة المؤسسات لعافيتها هو مشروعنا الأسمى لتحقيق التعافي والتنمية المستدامة، ولا يمكن لهذا المشروع أن ينجح إلا عبر تعزيز دور النساء في قيادته وتوجيهه. فالنساء هن القوة الدافعة لمسار تقدّم مجتمعنا واستقراره، ويعتمد على تمكينهن في جميع المجالات نجاح مشروعنا الوطني”.
وختم: “أودّ أن أتوجه بالشكر لكل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء، وأخصّ بالذكر:
هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ممثلة بالسيدة جيلان المسيري.
السيد عمران رزا، نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة.
السيدة لمياء مبيض بساط، رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، لما يقوم به هذا المعهد من جهود قيّمة في تعزيز دور المؤسسات.
كما أوجّه تحية تقدير إلى القيادات النسائية اللواتي يشاركننا اليوم بتجاربهن الملهمة:
السيدة نعمة كنعان، رائدة العمل الاجتماعي، وأول مديرة عامة في الدولة اللبنانية وأول مديرة عامة لوزارة الشؤون الاجتماعية، حيث يجسّد حضورها بيننا تاريخ الإدارة العامة في لبنان ويثري احتفاءنا بالمرأة اليوم.
القاضية نجاة أبو شقرا،
السيدة لينا درغام،
السيدة غلوريا أبو زيد.
وأخيرًا، تحية لكل امرأة لبنانية تناضل من أجل حقوقها، ولكل رجل يؤمن بقضيتها ويدعمها، ولكل من يسعى إلى تحقيق العدالة والمساواة.
إن شهر المرأة ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو تذكير بما لم ننجزه بعد. فلنتعهد جميعًا بالمضي قدمًا في مسيرة تحقيق المساواة، ليس من أجل النساء فقط، بل من أجل مستقبل لبنان بأسره.”