
اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون “ان من اولى واجباتنا ان نقوم بالإصلاح المطلوب بما يساهم في تغيير بعض الذهنيات”. وقال اننا “سنعيد بناء لبنان الجديد وهو امر ليس بمستحيل، وعلينا من اجل ذلك الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية لمصلحة الوطن”، مشددا على “ان الامر يتطلب محاربة الفساد ووجود قضاء نزيه غير مسيس، وقضاة يحكمون بالعدل وفقا لما تفرضه عليهم ضمائرهم وبناء للاثباتات التي بحوزتهم”.
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفد الرهبنة الانطونية المارونية ووفدا من جامعة سيدة اللويزة جاءا مهنئين.
وفد الرهبنة الانطونية: وكان رئيس الجمهورية التقى أولا وفد الرهبنة الأنطونية برئاسة الاباتي جوزف بو رعد الذي تحدث فقال: ” جِئْنَاكُمْ اليَوْمَ يَا فَخَامَةَ الرَّئِيسِ لِلِّقَاءِ وَالتَّبْرِيكِ وَالدُّعَاءِ. جِئْنَاكُمْ مِنَ القلَيعَةِ جَنُوبًا، مِنَ المِينَاءِ طَرَابُلُسَ شَمَالًا، مِنْ حُوش حَالَا شَرْقًا، وَمَا بَيْنَهُمْ مِنْ أَدْيَارٍ وَرِسَالَاتٍ أَنْطُونِيَّةٍ عَلَى اِمْتِدَادِ الوَطَنِ. كَثَافَةُ حُضُورِنَا تَقُولُ لِوَحدِهَا مَكَانَتَكُمْ الخَاصَّةَ فِي وِجْدَانِ رُهْبَانِنَا وَرُهْبَانِيَّتِنَا. لَقَدِ انْتَزَعْتُمْ مِنَّا حَقَّ السَّبْقِ فِي الزِّيَارَاتِ. أَتَيْتُمُونَا عَلَى المـَوْعِدِ بَغْتَةً إِلَى دَيْرِ مَارْ أَنْطُونِيُّوسَ فِي عِيدِ شَفِيعِهِ وَشَفِيعِ رَهْبَانِيَّتِنَا، فِي عِزِّ إِنْشِغَالِكُمْ بِتَأْلِيفِ الحُكُومَةِ وَتَسْيِيرِ أُمُورِ الدَّوْلَةِ. هَكَذَا حوَّلتُم زِيَارَةَ التَّبرِيكِ هَذه زِيَارَةَ إِيَاب.”
أضاف: “َمعَكُمْ صَارَ لِهَذَا القَصْرِ سَيِّدٌ وَلِلْوَطَنِ وَكِيلٌ حَكِيمٌ، أَمِينٌ عَلَى سِيَادَتِهِ وَعِزَّةِ أَهْلِهِ. لَا نَسُوقُ هَذِهِ الخِصَالَ فِي مَعْرَضِ الإِطْرَاءِ وَلَسْتُمْ مِمَّنْ يَسْتَسِيغُونَهُ. وَلَكِنَّ هَذَا مَا عَرَفْنَاكُمْ عَلَيْهِ أَيَّامَ قِيَادَتِكُمْ لِلْمُؤَسَّسَةِ العَسْكَرِيَّةِ، فِي الأَيَّامِ العَصِيبَةِ. أَمَّا وَقَدْ تَوَسَّعَتْ مَهَامُّكُمْ لِتَشْمَلَ رِئَاسَةَ الجُمْهُورِيَّةِ كُلَّهَا وَالدَّوْلَةَ بِكَافَّةِ مُؤَسَّسَاتِهَا، فَلَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نَأْمُلَ خَيْرًا وَنَرْجُو عُمُومَ الخَيْرِ بِمَسْعَاكُمْ فِي جِسْمِ دَوْلَتِنَا السَّقِيمِ.”
وتابع: “يَجْمَعُنَا بِكُمْ حُبُّ الوَطَنِ بِكُلِّ مُوَاطِنِيهِ، وَالإِيمَانُ بِاللَّهِ وَنَبْذُ التَّقَوقُعِ وَالتَّزَمُّتِ. تَجْمَعُنَا ذِكْرَيَاتٌ وَتَضْحِيَاتٌ، وَأَحْلَامٌ أَيْضًا وَرُؤَى. وَأَبْعَدُ مِنَ المـَوَدَّةِ الأَكِيدَةِ وَالاحْتِرَامِ تَجْمَعُنَا بِكُمْ الرِّسَالَةُ. فَرِسَالَتُكُمْ الوَطَنِيَّةُ تَتَلَاقَى مَعَ رِسَالَتِنَا الرَّهْبَانِيَّةِ فتَتَكاملَانِ. وَأَكْثَرُ مَا يَجْمَعُ الرَّهْبَانِيَّةَ بِالدَّوْلَةِ هُوَ العَمَلُ مَعًا لِمَصْلَحَةِ الخَيْرٍ العَامٍّ. فَالْخَيْرُ العَامُّ مُصْطَلَحٌ وَيَا لَلْأَسَفِ أَضْحَى دَخِيلًا عَلَى لُغَتِنَا وَقِيمَةٌ بَارِدَةٌ بَاهِتَةٌ، لَا تُحَرِّكُ وِجْدَانًا وَلَا تَشْحَذُ هِمَمًا. فَنَحْنُ اللُّبْنَانِيُّونَ مُوصُوفُونَ بِتَفَوُّقِنَا كَأَفْرَادٍ وَتَقَهْقُرِنَا كَجَمَاعَةٍ. كُلُّ مِنَّا يُفَكِّرُ بِذَاتِهِ مُتَوَهِّمًا أَنَّهُ إِنْ كَانَ هُوَ أَوْ جَمَاعَتُهُ بِخَيْرٍ كَانَ الوَطَنُ بِأَلْفِ خَيْرٍ. وَالحَالُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ تَكُنِ الدَّوْلَةُ، حَاضِنَةَ الـمُوَاطِنِينَ كُلِّهِمْ بِخَيْرٍ فَلَنْ يَسْلَمَ أَيٌّ مِنَّا وَلَنْ يَهنَأَ. وَلَنَا فِي الانْهِيَارِ المالِيِّ وَالِاقْتِصَادِيِّ الكَارِثِيِّ الأخِيرِ خَيْرُ عِبْرَةٍ، إِنْ اعْتَبَرْنَا.”
وقال: “نَعْلَمُ يَا صَاحِبَ الفَخَامَةِ عِلْمَ اليَقِينِ حَجْمَ التَّحَدِّيَاتِ الَّتِي تُوَاجِهُكُمْ وَتُوَاجِهُ شُرَكَاءَكُمْ فِي المَسْؤُولِيَّةِ، وَلَسْنَا مِمَّنْ يُؤْمِنُونَ بِالعَصَا السِّحْرِيَّةِ. فَنَحْنُ أَهْلُ مُؤَسَّسَاتٍ وَنَعِي جَيِّدًا أَنْ التَّنْظِيرَ وَالتَّبْسِيطَ وَرَمْيَ المَسْؤُولِيَّةِ عَلَى الآخَرِينَ مِنْ شِيَمِ العَبَثِيِّينَ وَالعَاجِزِينَ. فَمَشْرُوعُ إِصْلاحِ بِنَاءِ الدَّوْلَةِ يَبْدَأُ بِمُصَالَحَةِ المـُجْتَمَعِ مَعَهَا. فَالدَّوْلَةُ عِندَنَا كَائِنٌ غَرِيبٌ يَطْلُبُهُ الجَمِيعُ وَيَتَطَلَّبُ مِنْهُ حَتَّى تَحِينُ سَاعَةُ الوَاجِبَاتِ فَحِينَهَا يُخْرِجُ كُلٌّ مِنَّا مَطُوَّلَاتٍ لِإنْكَاَرِ أَحَقِيَّتِهَا أَوْ التَّهَرُّبِ مِنهَا. وَيَتَطَلَّبُ إِصْلاحُ الدَّوْلَةِ بَصِيرَةً وَعَزْمًا وَصَبْرًا وَتَضْحِيَاتٍ. وَالسَّبِيلُ إِلَيْهِ يَمُرُّ حَتْمًا بِالنِّضَالِ ضِدَّ الفَسَادِ عَلَى أَنْوَاعِهِ وَبِكُلِّ ظَوَاهِرِهِ. وَالفَسَادُ آفَةٌ مُتَغَلْغِلَةٌ فِي عُقُولِنَا وَسُلُوكِنَا حَتَّى كَادَ بَعْضُنَا يَرَى فِيهِ قَدَرًا وَهُوَ لَيْسَ بِقَدَرٍ. فَلَيْسَ صَحِيحًا أَنْ الإِلتِزَامَ بِالقَانُونِ غَرِيبٌ عَنْ طَبْعِنَا الشَّرْقِيِّ وَعَنْ عَقْلِيَّتِنَا وَأَنَّهُ لَا مَجَالَ لِتَسْيِيرِ أُمُورِنَا إِلَّا بِالزَّبَائِنِيَّةِ وَالمـَحْسُوبِيَّاتِ. وَالصَّحِيحُ أَنْ الصِّدْقَ وَالْعَدَالَةَ وَنُصْرَةَ الضَّعِيفِ هِيَ مِنْ صُلْبِ شِيَمِنَا وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَعُودَ إِلَيْهَا وَنَجْعَلَهَا أَسَاسًا لِاجْتِمَاعِنَا.”
وختم بالقول: “مَا نَقُولُهُ، يَا فَخَامَةَ الرَّئِيسِ، لَيْسَ بِجَدِيدٍ عَلَيْكُمْ وَنَعْلَمُ أَنَّنَا فِي هَذَا اَلْمَجَالِ نُبَشِّرُ مُرْتَدًّا، عَلَى حَدِّ قَوْلِ اَلْمَثَلِ الفَرَنْسِيِّ. وَإِنَّمَا نَقُولُهُ لِنَعُودَ وَنُؤَكِّدَ مَا عَاهَدْنَاكُمْ بِهِ فِي عِيدِ أَبِ الرُّهْبَانِ بِالتزَامِنَا مَعَكُمْ بِكُلِّ مَا أُوتِينَا مِنْ عَزْمٍ لِتَحْقِيقِ هَذَا اَلهَدَفِ السَّامِي الَّذِي يَعُودُ بِالخَيْرِ عَلَى كُلِّ اللُّبْنَانِيِّينَ. فَبِاسْمِ مَجْلِسِنَا اَلعَام وَرُؤَسَاءِ أَدْيَارِنَا فِي لُبْنَانَ اَلحَاضِرِينَ هُنَا وَبِاسْمِ إِخْوَتِي الرُّهْبَانِ جَمِيعًا وَبِاسْمِي شْخَصِيًّا نُبَارِكُ اخْتِيَارَكُمْ لِرِئَاسَةِ الجُمْهُورِيَّةِ وَنَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُبَارِكَ سَعْيَكُمْ اَلحَمِيدَ لِرَعَايَةِ أَبْنَاءِ الوَطَنِ بِالإِنصَافِ وَالاِسْتِقَامَةِ وَالحَقِّ.”
رد الرئيس عون: ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد وشاكرا إياه على تهنئته، وقال: “اثني على ما قلتموه لجهة وجوب قيامنا بواجباتنا، لأنني اعتبر انه إن قام كل منا بما يعود إليه من واجبات لإنتظمت حقوق الجميع. اما الفساد فبات ثقافة، ولكن ما من أمر مستحيل إذا ما صفت النوايا تجاه المصلحة العامة. واللبناني الخلاق والمبدع، والحاضر على إمتداد العالم وبمختلف أمور الحياة من السياسة الى الدبلوماسية والعالم المصرفي قادر على إستنباط الحلول لبناء دولة على أسس سليمة.”
وإعتبر رئيس الجمهورية “ان من اولى واجباتنا، ان نضع الأمورعلى السكة ونقوم بالإصلاح المطلوب بما يساهم في تغيير بعض الذهنيات الامر الذي يتطلب قضاء نزيها”، مجددا القول “ما من مستحيل أمامنا، وسنسعى لتحقيق ما يجب انطلاقا من المصلحة العامة.”
واضاف الرئيس عون: “كل ذلك يتوقف على مدى إجابتنا على سؤال: هل سننظر الى لبنان بمفهوم الدولة للجميع، ام سيبقى كل احد ينظر إليه من منظاره الطائفي والمذهبي والحزبي؟” وتابع: “إذا ما بقينا اسرى نظرتنا الضيقة سنخسر الكثير من الفرص المفتوحة امامنا. من هنا علينا القيام بواجباتنا وبالإصلاحات المطلوبة لإصلاح بيتنا المشترك.”
وختم رئيس الجمهورية: “نطلب دعمكم وصلواتكم ونتطلع الى ان تحافظوا على إمتدادكم على مستوى الوطن. لقد اكدتم خلال الأزمة الأخيرة التي مررنا بها على ثبات موقفكم وبقيت رسالتكم مستمرة. من هنا ليس من الصعب عليكم مواصلتها والمحافظة على قيمة البقاء، فأنتم نموذج عن هذه الإرادة لدى اللبنانيين”.
جامعة سيدة اللويزة: ثم التقى رئيس الجمهورية وفدا من جامعة سيدة اللويزة برئاسة الاب بشارة الخوري الذي تحدث في مستهل اللقاء، فقال: “باسمِ جامعةِ سيّدةِ اللويزة أقِفُ في حضرتِكم، مستمدّاً مِنكُم قوّةً وعزماً وثقةً، مُسْبِغاً عليكم أفْخَم الصفاتِ والنّعوتِ التي تستحقّون وأنْتُمْ بِها جديرون، لأقولَ لكم بأحْرُفٍ واضحةٍ وكلماتٍ معبّرةٍ وصادقة: هنيئاً لنا وللأجيالِ وللبنانَ لأنّكُم هُنا ترأسون لبنانَنا الجديدَ الذي طالَما حَلِمْنا بِهِ وَوُعِدْنا بِهِ، ويبدو أنَّهُ آتٍ وها هي رياحُ التغييرِ بدأتْ بالهبوب…
فخامةَ الرئيسِ جِئْنا اليومَ نقولُ لبّيكَ لِعَهْدٍ عاهَدْتنا إيّاهُ في خطابِ قَسَمِكُم بأنْ نستَثْمِر في العِلْمِ ثُمَّ العِلْمِ ثُمَّ العِلْمِ، وكَمْ بَدَوْتُم في هذا رئيساً حكيماً، رؤيَويّاً عارِفاً مُدْرِكاً تماماً أنَّ العِلْمَ هو الثَّروَةُ الكُبرى، فكيفَ لا نُثَمّرُها ونسْتَثْمِرُها فَيَنْعَمَ بِها الوطنُ وأبناؤه وبناتُه، وهي كفيلَةٌ باستعادةِ الثقة وتمايُزِهِ في محيطِهِ وفي هذا المشرِقِ العربيّ!؟
وعليه، نحنُ هُنا يا فخامةَ الرئيسِ لِنقولَ لكم، أُسوةً بكلّ الغيارى على هذا العَهدِ وعلى هذا البلد، وعلى غِرارِ التوّاقين إلى استعادَةِ ذاكَ الزمَنِ الجميلِ الخصبِ، زمَنِ العِزِّ والإزدهارِ، نحنُ في جامعة سيّدة اللويزة، بكلّ فروعِها ذوق مصبح- كسروان، وبرسا-الكورة، ودير القمر-الشوف، على أهْبَةٍ واستعدادٍ، وفي جاهزيّةٍ عاليةٍ، لنخوضَ ورشَةَ النهضةِ والتغييرِ، وقد لَمَسْنا في خطابِكم وفي خُطَبِكُمْ أمامَ زوّارِكُم مَيلاً إلى عَمَلٍ فريقيٍّ جَماعيٍّ، ورغبةً في التعاون، ولطالَما سمعْناكُم تقولْون: “أنا لوحدي ما بقدَر”، ولهذا، نحنُ هُنا لنقولَ لكم: لَسْتُم لِوَحْدِكُم، وبإِمكانِكُم الاتّكالُ علينا في مَهامَّ متنوّعةٍ وعديدةٍ وفي غيرِ مجالٍ واتجاهٍ، فمقدّراتُ جامِعَتِنا، وعلى الرُّغَم من كُلِّ المصاعِب والتحدّياتِ التي واجَهَتْ سائِر القطاعات، لا تزالُ كبيرةً وقويّةً، وها هي تتصاعَدُ وتنمو أكثرَ فأَكْثَر لتكونَ في خِدْمَةِ الأجيالِ وتُساهِمَ في تشكيلِ هويّةَ لبنانَ الجديدِ الذي أتَيْتُم لأجلِهِ.
فرجاءً، لا تترَدَّدوا يا صاحِبَ الفخامَةِ في إعطاءِ الإشارةِ لِتَجِدَوننا جاهزينَ لِبَدْءِ العَمَل بِوَحْيٍ من خُطابِ قَسَمِكُم الذي نعتَبِرُهُ خارِطَةَ طريقٍ إذا ما سَلَكْناها بالطريقةِ الصحيحةِ والأساليبِ القويمةِ، وإذا ما استطعنا إخراجَ التَربيةِ والتَعليمِ من زواريبِ السياسَةِ، وتحييدَهُما بَلْ وحِمايَتِهما من طاعونٍ اسْمُهُ الفسادُ بكلِّ وجوهِهِ وأشكالِهِ التي طَبَعَتْ وتَغَلْغَلَت في مفاصِلِ مُعْظَمِ القطاعاتِ على امتدادِ سَنواتٍ، نكونُ قد نجَّيْنا لبنانَ من الهلاكِ، وأنقَذْنا سُمْعَتَهُ، ولَمَّعْنا صورتَهُ في عيونِ أولادِهِ وشبابِهِ، وعَكَسْنا صورَتَهُ المضيئة في مرايا العالمِ.
وعليه، بإسمي وبإسم المجلس الأعلى للجامعة، ومجلس الأمناء وأسرة الجامعة وخرّيجيها الثلاثين ألفاً، نتشرّف بدعوتكم أن تكونوا خطيب احتفاليّة تخرّج طلّابنا في الثالث عشر من حَزيران المُقبل، وأمام عَدَسات قلوبِ الوطنِ بأكمله، تتشرّف الجامعة المارونيّة التي أسّسها غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، أنتُم الذينَ تستحقّونَ الموقِعَ المارونيَّ الأوّلَ في الدولة، نفتَخِرُ بِمنحِكُم الدكتوراه الفخريّة الأولى، وذلك لكي يبقى مجدُ لبنان، وِساماً نعلِّقُهُ على صدرِ الوطنِ بأكمله من خلالكم.
فخامةَ الرئيسِ،
أنتُمْ قُلتُمْ: إذا صَفَتِ النوايا نَسْتطيع الكثير، نَعَمْ، نحنُ في حَضْرَتِكُم نمثّلُ واحداً من كياناتِ التعليمِ العالي في لبنان، وَقَدْ حَضَرْنا لِنُعْلِن ونُظهِرَ صفاءَ نِيَّتِنا، وَلِمدِّ يَدٍ، أَغْلَبُ ظَنّنا، أنَّها قادِرَةٌ بِذاتِها، وستكونُ أشَدَّ قدرةً إذا ما استمدّت قدرةً مِنْكُم ومِن آخرينَ من أصحابِ النوايا الصافية، لِنَرْسُمَ معاً حُلْماً، ومعاً نحقّقُهُ، لِيكونَ لنا وَطَنٌ وليعودَ إلينا لبنانُ الجميلُ وإليهِ نعودُ جميعُنا”.
رد الرئيس عون: ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد ومهنئا بعيد المعلم مشددا على أهمية ما يورثه الإباء للابناء من علم لما يشكله ثروة مستدامة لهم بشكل خاص وللبنان بشكل عام. ونوه “بالمراكز التي يتبوأها اللبنانيون في الخارج نتيجة للاستثمار في العلم والعلم ثم العلم، وهو مصدر فخر لنا جميعا بفضلكم انتم وبفضل جامعات تساهم في تخريج الأجيال لترفع اسم لبنان عاليا”.
أضاف: “ان الخريجين اللبنانيين العاملين في الخارج يمثلون قيمة مضاعفة للبنان الا ان واجباتنا ان نسعى أيضا للمحافظة عليهم في الداخل”، مشددا على ضرورة “صيانة مستوى العلم لتبقى المؤسسات التعليمية والجامعية اللبنانية مقصدا للعالم كما بقيتم محافظين عليها رغم كل الازمات التي مررنا بها”.
وتابع الرئيس عون: “سنعيد بناء لبنان الجديد سويا وهو امر ليس بمستحيل في ظل وجود امثالكم يخرجون عباقرة بإمكان وطنهم الاستفادة منهم كما يستفيد العالم الخارجي. وعلينا من اجل ذلك الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية لمصلحة الوطن”، مشددا على “ان الامر يتطلب محاربة الفساد ووجود قضاء نزيه غير مسيس، وقضاة يحكمون بالعدل وفقا لما يفرضه عليهم ضمائرهم وبناء للاثباتات التي بحوزتهم لا بموجب آراء زعمائهم. ذلك ان الإصلاح يتم اذا ما توافر قضاء نزيه”.
وختم: “كما تعطون انتم صورة جميلة عن التعليم في لبنان رغم كل التحديات، سنعمل نحن على نقل صورة جيدة عن مؤسسات الدولة وعن سير لبنان على طريق بنائها وسنفعل المستحيل لذلك، مجددا القول اننا واياكم في خدمة لدى شعبنا وليس العكس”.
نائب رئيس الوزراء: الى ذلك، كانت للرئيس عون لقاءات سياسية ووزارية وديبلوماسية.
وفي هذا السياق، استقبل نائب رئيس الحكومة الدكتور طارق متري الذي عرض معه الأوضاع العامة والتطورات في الجنوب.
السفير فؤاد دندن: وفي قصر بعبدا، استقبل الرئيس عون سفير لبنان في دولة الامارات العربية المتحدة السفير فؤاد دندن الذي عرض معه العلاقات اللبنانية-الإماراتية واوضاع الجالية هناك.
الاب فيتوريو لاناري: واستقبل الرئيس عون رئيس جمعية “سانت ايجيديو” الاب فيتوريو لاناري يرافقه الدكتور اندريا ترنتيني اللذين اطلعاه على نشاطات الجمعية في مجال بناء قيم السلام بين الأديان والحضارات. وخلال اللقاء سلم الاب لاناري رئيس الجمهورية دعوة للمشاركة في “اللقاء الدولي للسلام” الذي ينعقد بين 25 و27 تشرين الأول المقبل في روما، ويحضره قادة سياسيون وروحيون وشخصيات ثقافية ومن المجتمع المدني.
الاتحاد العمالي: هذاأ وأكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن “ما نسعى اليه في المرحلة المقبلة هو ان يكون الاكفاء في المراكز التي يستحقونها، بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية والسياسية”، وأضاف ” لدينا فائض من الكفاءات في لبنان، وعلينا أن نحسن توظيفها”.
ودعا الاتحاد العمالي العام، في خلال استقباله وفدا منه بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الاتحاد الدكتور بشارة الأسمر، ” ان يكون الجهة التي تنتقد عمل الحكومة ولكن بشكل بناء، واستنادا الى المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية”.
ولفت الرئيس عون الى أن لبنان ليس مفلسا بل هو بلد اساء حكامه استخدام مقدراته، وقال: “سنعمل على الإصلاح، ولكن النتائج المطلوبة مرهونة بالاستقلال الأخلاقي لدى القضاة”. مؤكدا انه لا يمكن محاربة الفساد بدون قضاء.
على صعيد آخر، تطرق رئيس الجمهورية الى ملف العمالة السورية ، فرأى أن المواطنين يتحملون جزءا من المسؤولية فيه، حين يفضلون اللجوء الى اليد العاملة السورية بدلاً من إعطاء الفرصة لأبناء بلدهم.
كلمة الأسمر
في مستهل اللقاء مع رئيس الجمهورية، القى الأسمر الكلمة التالية:
” فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون المحترم، تحية من القلب من عمال لبنان.
زيارة تهنئة بانتخابكم وبعودة الحياة الدستورية الى البلد، وبالمناسبة نضع فخامتكم في واقع الحركة العمالية التي يمثلها الإتحاد (كل نقابات لبنان موجودة فيه) وهو الهيئة الأكثر تمثيلاً لكل شرائح العمال في لبنان . لقد عانت الحركة العمالية، وما تزال، وهي الطبقة الأكثر تضرراً وتشمل ۹۰% من الشعب اللبناني من الانهيار الاقتصادي ومن التهرب الضريبي والاقتصاد الأسود (الناجم عن التهريب) ومن الفساد والافساد، والتهرب الضريبي وعدم الانتظام المؤسساتي والصراع بين السلطات والنكد السياسي والتراشق الإعلامي.
كما عانت من الحروب على لبنان من الخارج وآخرها الحرب الإسرائيلية المدمرة، والحروب في الداخل وكنا نخشى من الحدود الجنوبية فإذا بنا نخشى ونتوجس من الحدود الشرقية والشمالية. نتوجس من الوجود الكبير للاجئين السوريين والأجانب وانعكاسه على التركيبة اللبنانية وعلى الأمن والاستقرار وعلى الحركة العمالية ايضاً، فالتنافس يؤذي العمال، ومن العمالة الأجنبية والعربية غير المقوننة.
ونطلب عبر مذكرتنا اليوم، وانطلاقاً من ثقة شعبية كبيرة وعارمة رافقت انتخابكم، العمل سوياً وجماعياً لكونكم الضامن الأكبر للوحدة الوطنية وفيصل الحق في هذه الظروف الصعبة التي نعيش. ونركز على استكمال تحرير الأرض، التي من دونها، فإن التأثير سيكون سلبياً على الاقتصاد وعلى العلاقات مع الدول العربية والاجنبية، وعلى العمال”.
وأضاف الأسمر: ” في موضوع التعاون بين السلطات، نتطلع الى تعاون جدي ضمن مبدأ فصل السلطات والاحترام المتبادل، فالاتحاد عانى كثيراً من تداخل السلطات وخاصة مع السلطة القضائية.
ونرى ضرورة بسط سلطة القانون على كامل الأراضي اللبنانية . هناك تفلت امني نتمنى معالجته بأسرع وقت ممكن.
اما بالنسبة الى القضاء النزيه المستقل فقد بدأنا نلمس بشائر إيجابية من خلال التعيينات.
ومن المهم ان تبقى الإدارة العامة بعيدة عن المحسوبيات وعن الزبائنية ، فنحن امام مرحلة لوضع إدارة عامة فاعلة، نتمنى ان تكون بعيدة عن المحسوبيات وكل ما يمسها.
وهناك ضرورة لمحاسبة الذين تسببوا بالانهيار المالي والاقتصادي، والا فلا نظرة الى المستقبل، وكذلك العمل على إعادة أموال المودعين ، مع التركيز على ان غالبية الأموال هي للفقراء ومتوسطي الدخل والعسكريين والمتقاعدين، كما العمل على إنصاف العمال والموظفين فى القطاعين الخاص والعام ومنهم العسكريين .واستذكر هنا لقاءاتنا معكم حين كنتم قائداً للجيش، والمساعدة على اصدار قانون للمتقاعدين يعيد جزءاً مما فقدوه، وينصف العسكريين الذين باتت مهامهم حالياً اكبر من أي وقت مضى. كما هناك ضرورة لرفع الحد الأدنى وغلاء المعيشة، وما نطرحه هو ضمن الواقع الاقتصادي الذي نعيشه والحوار الذي ترعاه الدولة”.
ودعا الأسمر الى ” استنهاض المؤسسات الصحية والاجتماعية والضمان وتعاونية الموظفين، إعادة الحياة الى المؤسسات الاستثمارية التي تدخل الإيرادات الى الدولة ومنها المرفأ الذي نذكر جيداً وقفتكم عند الانفجار الذي شهده، ومساهمتكم الفاعلة في اعادته الى النهوض. وهناك ايضاً: الاهراءات، الكهرباء، المياه، الاتصالات، أوجيرو، مؤسسة الليطاني، إدارة حصر التبغ والتنباك، ومصفاة ومصب البترول في طرابلس والزهراني، واذا استطعنا إعادة احيائهم عبر الاتصالات المشرفة التي تقومون بها مع دول الخليج، فستكون نقلة نوعية لافتة للعمال ومصدراً لفرص عمل هائلة للشباب لترسيخهم في ارضهم. كل ذلك يتم عبر استحداث الهيئات الناظمة والقوانين، وحصر استيراد النفط بيد الدولة مما يساعد في خلق فرص عمل للشباب.”
كما دعا الى “دعم البلديات باتجاه انماء المناطق، ودعم الدفاع المدني وتفعيله خصوصاً في ظل الاحداث العديدة التي نراها في لبنان ومنها الحرائق التي تلتهم ثروة لبنان الحرجية”.
وختم بالقول: “نجدد الشكر لكم، فخامة الرئيس، والدعوة لكم بالتوفيق، وقد كنتم في قيادة الجيش دائماً الى جانبنا، واليوم نحن متأكدون انكم ستكونون على قدر التوقعات.”
لقاءات نيابية
الى ذلك، كانت للرئيس عون لقاءات نيابية. وفي هذا الاطار، عرض مع النائب اديب عبد المسيح الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة وانعكاسات ما يجري في سوريا على الساحة اللبنانية، لا سيما في الشمال عموماً وطرابلس وعكار خصوصاً. كما تطرق البحث الى الوضع في الجنوب، والى حاجات منطقة الكورة وضرورة إعطائها حقها في التعيينات الإدارية المرتقبة كي تتمثل بشكل عادل. وأشار الى ان البحث تناول ايضاً ضرورة اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها الدستوري، إضافة الى مشاريع انمائية ذات طابع وطني شامل.
مطر
والتقى الرئيس عون النائب إيهاب مطر الذي أوضح ان البحث تناول عدداً من المواضيع العامة، ونتائج زيارة رئيس الجمهورية الى السعودية والقاهرة، و”اكدنا كل الدعم والتأييد والثقة بالعهد، ونحن متفائلون بالمسيرة الراهنة كي تعود بالخير على لبنان واللبنانيين”.
وأشار الى انه تم التطرق ايضاً الى حاجات الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً في مجالي الامن والانماء، و”قد ابدى الرئيس عون كل اهتمام”.
أبو فاعور
وفي قصر بعبدا، النائب وائل أبو فاعور الذي أوضح انه عرض مع الرئيس عون الأوضاع في الجنوب، والتطورات على الحدود الشمالية والشرقية.