سلايدات

فرص النجاح كبيرة والودائع راجعة

كتب انطوان فرح في نداء الوطن :

في خلال زيارة وفد صندوق النقد الدولي إلى بيروت سمع المسؤولون اللبنانيون ملاحظات عديدة لعل أهمها وأشدها تعبيراً تلك المتعلقة بما أسماه رجال السلطة عندنا آلية عمل الدولة.

يبدو أن جماعة الصندوق شبعوا خلال ست سنوات شروحات تبرّر لماذا عجزت الدولة عن تنفيذ الإصلاحات أو حتى الإجراءات البسيطة المطلوبة.

هذه المرة كان وفد الصندوق واضحاً: إعفونا من الشروحات حول طريقة عمل الحكومة والمجلس النيابي، وما بينهما. لا نريد أن نعرف تفاصيل الآليات المعتمدة لديكم للوصول إلى قرارات. ما يهمنا بعد كل هذا التأخير وإضاعة الوقت، هو أن تنجزوا المطلوب لكي نتمكّن من توقيع برنامج تمويل معكم.

هذه الروحية التي سادت المحادثات يمكن اعتبارها إيجابية لأنها تعكس جدية من قبل الصندوق في إنجاز اتفاق سريع مع لبنان. فهل أصبحت الظروف أفضل ومهيأة أكثر من السابق، لتوقيع اتفاق تعذّر إبرامه في الماضي. وما الذي تغير فعلاً لكي نتوقّع النجاح هذه المرة؟

هناك مجموعة من المعطيات الجديدة لم تكن متوفرة في السنوات الماضية من أهمها:

أولاً- سلطة سياسية جديدة تتمتع بثقة الناس وبدعم خارجي، ومتحرّرة من وصايات كانت قائمة قبل الحرب، بحكم الأمر الواقع.

ثانياً- نهج جديد في مقاربة الأزمة لجهة الاعتراف بمسؤولية تشاركية بين الدولة ومصرفها المركزي والمصارف التجارية. وقد عبّر أكثر من مسؤول عن القناعة التامة بهذ المقاربة.

ثالثاً- استعداد للتخلّي عن فكرة حصرية الدولة في إدارة المؤسسات والأصول العامة، وتحضيرات جدّية لإشراك القطاع الخاص في هذه المهمة.

رابعاً- قناعة راسخة بضرورة إنشاء صندوق مستقل يتولى عملية دفع الودائع وفق الصيغة التي سيتمّ اعتمادها في الخطة المنتظرة.

خامساً- توافق وإجماع على ضرورة الحفاظ على القطاع المصرفي وتحريره في أسرع وقت ممكن لكي يستأنف مهمة تمويل الاقتصاد، المطلوب أن ينمو بسرعة.

سادساً- وجود رعاية دولية وعربية واضحة، وهناك استعدادات مختلفة عن الحقبة السابقة، لجهة عودة دول الخليج العربي بقوة على خط تقديم الدعم للبنان، وإعادة تطبيع العلاقات على كل المستويات.

هذه الحقائق والمتغيرات تشمل السلطة اللبنانية وصندوق النقد، وبالتالي أصبح التفاوض أسهل. كما أن النتائج التي حققها الاقتصاد اللبناني من دون خطة التعافي كانت أكثر من جيدة ومن شأنها أن تشجّع الصندوق على المضي قدماً في عملية إشراك هذا الاقتصاد في حل أزمة الودائع. وقد تبيّن للصندوق أن الناتج المحلي نما من حوالى 20 مليار دولار قبل 3 سنوات إلى حوالى 33 ملياراً في العام 2024. وحتى لو أن الأمر لا يتعلق بنمو، بل بطريقة احتساب خاطئة جرى تصحيحها اليوم، كما يدّعي البعض، فهذا لا يغيّر كثيراً في واقع أن اقتصاداً حجمه 33 مليار دولار يستطيع أن يتحمّل وينمو أكثر بكثير من اقتصاد حجمه 20 ملياراً.

في المحصلة، الظروف ملائمة للنجاح، وأي فشل في هذا الاتجاه لن يكون هناك ما يبرّره بعد اليوم، وستتحمّل السلطة تبعاته، من دون أي إمكانية لأسباب تخفيفية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى