سلايدات

سوريا ستَنعَم بالكهرباء 24 ساعة… ماذا عن لبنان؟!

كتبت ميريام بلعة في المركزية:

أثار تصريح وزير الكهرباء السوري عمر شقروق اليوم عن وجود “خطة لتوفير الكهرباء للمدن الصناعية  السورية على مدار 24 ساعة” حفيظة اللبنانيين الرازحين تحت عبء “الفاتورَتين” ومعضلة “التقنين المتقلّب صعوداً ونزولاً”، من دون أن يخلق لديهم الأمل في الحذو بسوريا، لعلمهم بأن النية السياسية تبدو غائبة…حتى إشعارٍ آخر.

كلام شقروق جاء بعدما بدأت دولة قطر بضخّ الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر الأردن، في عملية تستهدف تحسين واقع الكهرباء في البلاد من 3 إلى 4 ساعات يومياً، وذلك بتوجيه من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

… تطوّر يُثير دهشة الرأي العام اللبناني كما خبراء قطاع الطاقة! فسوريا التي رزحت تحت حرب دامية منذ العام 2011 إلى اليوم، تحقق الإنجاز المنوَّه عنه في قطاع الكهرباء، فيما لبنان لا يزال حتى اللحظة تحت تهديد “العتمة الشاملة” يستفرِد به “النفط العراقي” دون سواه، في ظل غياب الإصلاحات التي تسحب ثقة المجتمع الدولي منه وتدفعه إلى التردّد في تمويل أي مشروع من هذا القبيل.

هذا ما تؤكده الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر وتتوقف عند تصريح وزير الكهرباء السوري لتعود بالسبب إلى “وجود نية سياسية لدى السلطة السورية الجديدة في تأمين الكهرباء 24 ساعة يومياً”، وتقول لـ”المركزية”: نجحت سوريا في تلقف الفرَص، عكس الدولة اللبنانية التي لم تفلح مرةً في الاستفادة من أي فرصة دولية توفّرت لها لتطوير قطاع الكهرباء! بل لا يزال لبنان حتى اليوم غير جاهز للقيام بأي مشروع تطويري في هذا المجال. ومن بين تلك الفرَص المتاحة، كان عرض الغاز المصري وكهرباء الأردن… لم يستفد لبنان منهما، وحتى اليوم لم يحضّر الأرضيّة المطلوبة، إذ يتطلب المضي في هذين المشروعَين الحصول على قرض من البنك الدولي ما يُفترَض أن تكون الدولة قادرة على تسديده، مع الالتزام بتحقيق الإصلاحات المطلوبة التي حتى اليوم لم يُنجَز أيٌّ منها.

…”هذا هو الفارق بين لبنان وسوريا اليوم” تقول أبي حيدر “فالنظام السوري الحالي يعلم جيداً كيف يتلقف الفرصة ويستفيد منها، واستمداد الكهرباء من تركيا إلى المناطق الصناعيّة يشكّل إحدى هذه الفرص المتاحة، مع الإشارة إلى أن السعر المحدَّد من تركيا هو سعر تنافسي مقبول”، لتُضيف: في حين أن لبنان لا يزال إلى اليوم يعتمد على مصدر واحد لتأمين الفيول لزوم معامل إنتاج الطاقة، وهو الفيول العراقي فقط لا غير. لقد كررنا مراراً وتكراراً على مدى سنوات، وجوب تعدّد مصادر الطاقة والانفتاح على أي مشروع يصبّ في هذا الإطار من الجزائر ومصر والأردن… لكن من دون جدوى!

وإذ تأسف “لعدم تجهيز الأرضيّة لأي مشروع يتعلق الكهرباء حتى اليوم، بدءاً من غياب الهيئة الناظمة للكهرباء، مروراً بعدم تطبيق القوانين، وصولاً إلى عدم وقف الهدر الفني…”، تُبدي أبي حيدر تحّفظها “على التزام وزير الطاقة الجديد الصمت منذ شهرين، وعدم مكاشفة الرأي العام عما يحضّر له للنهوض بالقطاع أو أقله ما يقوم به لجهة تأمين الفيول أويل، فولاية الحكومة قصيرة وبالتالي لا يوجد ترف الوقت للانطلاق بالإصلاح والمعالجات التي أصبحت معروفة ولم تعُد سراً”.

وتكشف في السياق، أن “للدولة العراقية في ذمّة لبنان اليوم، ما قيمته مليارَي دولار، وقد سبق ونبّهت إلى أن أي شحنة نفط سترسلها إلى لبنان في العام 2025، يجب أن تسدّد الدولة اللبنانية ثمنها نقداً وفوراً، وذلك بسبب تقصير الأخيرة في تسديد المستحقات المتوجبة عليها للدولة العراقية في العام 2024”.

وهنا تسأل “مَن سيدفع مبلغ الـ2 مليار دولار اليوم؟! فهذا المبلغ غير ملحوظ في الموازنة، وإذا كان الاتكال على إيرادات “مؤسسة كهرباء لبنان”، فقد تكبّدت المؤسسة جرّاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة خسائر فادحة إذ وفق تقرير البنك الدولي بلغت خسائر الكهرباء ما قيمته 209 مليون دولار من دون أن تلحظ الموازنة الجديدة كيفية تغطية هذه الخسائر أو آلية إصلاح الأضرار! إن كان من موازنة وزارة الطاقة أم “كهرباء لبنان”….أم خزينة الدولة! ناهيك عن إعفاء مجلس الوزراء المتضرّرين من الحرب في الجنوب والبقاع والضاحية، من تسديد رسوم الكهرباء! لماذا يبقى على الشريحة الأخرى الاستمرار في تغطية كلفة ما يسمّى بـ”الهدر الفنّي؟ علماً أن كل المناطق قد تضررت من الحرب الأخيرة بطريقة مباشرة وغير مباشرة”.

كذلك تسأل “في حال قررت الحكومة العراقية وقف إمداد لبنان بالنفط، هل من بديل لدى الحكومة اللبنانية؟! أم ستغرق مناطق لبنان بالعتمة مجدداً وترك اللبنانيين تحت رحمة أصحا المولدات الخاصة؟! علماً أن “قانون قيصر” لم يعُد “الفزاعة” التي تلطّت خلفه الدولة اللبنانية لسنوات، فسوريا باتت اليوم تحظى برضى الدول الغربية والأوروبية”.

…بعد طرحها كل تلك الهواجس ووضعها في عهدة المسؤولين المعنيين، تختم أبي حيدر “أملنا في وضع قطاع الكهرباء على السكة السليمة في العهد الجديد الذي نأمل منه النهوض بلبنان واقتصاده بعيداً عن الشعبوية والمحاصصة، بل بالاعتماد على الكفاءة والنيّة السياسية الصادقة بتحقيق ما عجزت عنه الحكومات السابقة في قطاع الكهرباء النازِف”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى