
أصدرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية البيان الآتي:
تنعي نقابة محرري الصحافة اللبنانية عضو النقابة، الزميلة هدى شديد، التي رحلت بعد صراع شرس مع المرض، تغلّب عليها في نهاية المطاف، حاملة إرثًا من العطاء المميز في عالم المهنة، سواء في الصحافة المكتوبة أو المرئية، حيث كانت مثالًا للتميز والشفافية.
وقد ترك رحيلها أثرًا حزينًا في الوسط الصحافي والإعلامي في لبنان وخارجه. وكانت قد ودّعت الحياة بعد أيام على تكريمها في القصر الجمهوري من قبل رئيس الجمهورية والسيدة الأولى، لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، في آخر ظهور لها قبل أن ترحل إلى مكان أفضل.
وقال نقيب المحررين، جوزف القصيفي، في نعيها:
“هذا هو قدرها. استسلمت لسلطان الموت بعد صمود طويل في وجه المرض، الذي قاومته ليس فقط بالدواء، بل بالإيمان والصلاة وفرح الحياة، التي نسجت عباءتها من خيوط الأمل. كانت ترى في كل ألم جديد وجهًا لأمل آخر يتجاوز المعاناة، وكانت ابتسامتها تخفي وجعًا بلون المأساة التي عاشتها منذ صباها. لكن رغم قسوة الظروف، بقيت قامة إعلامية موهوبة، مهذبة، رصينة، جريئة، ودودة، متمرسة بمهنتها كما تمرست بآلامها، تغالب وجعها بالصبر والعزيمة، لتبقى في الميدان فارسة، سلاحها القلم، وترسها الموقف، تواجه به دون خوف أو تردد.”
وتابع: “هدى شديد إعلامية يُبكى عليها، لأنها كانت شفافة كفراشة الضوء، خرجت منه لتعود إليه من جديد، ولو إلى صمت القبور، الذي ستلوذ إليه على رجاء القيامة، حاملة مسيرة كفاح لم تنتهِ إلا عندما أغمضت عينيها على وطن معذّب، يعاني ما عانته، ويعاند أقداره لينتصر بإرادة الحياة. صبرت كأيوب، واكتسبت جلد الرواقيين، فلم يدفعها الألم إلى التذمر أو اليأس، بل كانت تكل أمرها لله، ملتجئة إلى الصلاة، طلبًا لمرضاته، بقلب يفيض إيمانًا وخشوعًا. لقد كانت سيدة الآلام والأحزان، التي طالما أخفت وجعها خلف ابتسامة حيية لم تفارقها يومًا.”
الأسرة الصحافية والإعلامية في لبنان تودّع هدى شديد في رحلتها الأخيرة، ولسان حالها يقول: “انتقلت إلى الضفة الأخرى من الحياة، حيث لا وجع ولا ألم، بل فرح اللقاء بالآب السماوي في ملكوته، بعدما أتممتِ سعيكِ وجاهدتِ الجهاد الحسن.”
باسم نقابة المحررين، التي كنتِ فردًا من عائلتها، أحرّ التعازي الممزوجة بالدمع والأسى إلى عائلتكِ ومحبيكِ الكثر، ولا سيما إلى رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال ومديرها العام، بيار الضاهر، لوقوفه الدائم إلى جانبكِ في رحلة عذابكِ الطويلة، وإلى زميلاتكِ وزملائكِ في المؤسسة، الذين أحبوكِ وأخلصوا لكِ المودة.
“يا ترابًا فاح مسكًا في التراب.”