
كتب محمد كساح في المدن:
بالرغم من عدم الدخول الفعلي لجهاز الأمن العام التابع للسلطة السورية إلى مدينة معضمية الشام، بالقرب من العاصمة دمشق، إلا أن مخفر المعضمية يعمل بفاعلية عالية ويدير الجانب الأمني اعتماداً على الكوادر المحلية التي يتبع أغلبها للفصائل الثورية المقاتلة التي تشكلت بدايات الثورة السورية في المدينة.
استراتيجية مؤقتة
ويشكل النمط الأمني المتبع في المعضمية، نموذجاً لبلدات ومدن سورية أخرى، تقوم مهام الحفاظ على الأمن والسلامة العامة وملاحقة فلول النظام المخلوع وضبط مرتكبي الجنايات فيها، على كاهل تشكيلات مسلحة محلية يتبع معظمها للفصائل العسكرية السابقة، بحسب ما رصدت “المدن” في عدد من المحافظات وعلى رأسها معظم بلدات الريف الدمشقي ذات الزخم العسكري الثوري الكبير بعد عودة الآلاف من مقاتليها المهجرين.
وتقول مصادر أمنية مطلعة لـ”المدن”، إن تسارع الأحداث وبسط غرفة عمليات ردع العدوان سيطرتها على مناطق واسعة في أوقات قياسية، دفع السلطة إلى عدم الاكتفاء بجهاز الأمن العام القادم من إدلب، ومن هذا المنطلق تقوم باعتماد استراتيجية للحفاظ على الأمن الذي يشكل الأولوية القصوى تتكون من شقين: تنسيب أكبر عدد من الشبان للمؤسسات الأمنية، بالموازاة مع التشبيك مع تشكيلات ومجموعات مسلحة كانت تدير المناطق أو دخلت إليها عقب سقوط النظام، علماً أن قسما منها كان متواطئا مع النظام.
وتضيف المصادر أن من بين العناصر، مسلحون مهجرون قدموا من إدلب وكانوا تابعين لتشكيلات مقاتلة مثل جيش الإسلام ولواء الفتح المبين ولواء شهداء الإسلام وغيرها من التشكيلات المعارضة، وهؤلاء قاموا فوراً بتنظيم أنفسهم وإدارة المخافر في بلداتهم الأصلية، كما نفذوا عمليات موسعة وممنهجة تستهدف فلول النظام السابق في نفس المناطق التي ينتمون إليها، كونهم على دراية كبيرة بالملفات الأمنية نظراً لإدارتهم هذه المناطق قبيل عمليات التهجير التي بدأت منتصف العام 2016.
أداء أمني ضعيف
وغالبا تلجأ السلطة إلى الاعتماد على العنصر المحلي لضبط الأمن، لأن جهاز الأمن العام لا يزال مؤسسة أمنية واستخباراتية محدودة، وفقاً لما أفاد به مصدر عامل في هذا الجهاز “المدن”، مضيفاً أن تعداد عناصر الجهاز في أوج تشكيله في إدلب لم يتجاوز الـ15 ألف عنصر، وهو رقم صغير مقارنة بما تحتاجه البلاد من كوادر أمنية مدربة.
وتعليقاً، يرى الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني، أن تشبيك الحكومة وجهازها الاستخباراتي مع التشكيلات الأمنية المحلية، هو “مرحلة مؤقتة” ريثما تتم إعادة دمج الفصائل العسكرية وهيكلة مؤسستي الجيش والأمن.
ويضيف حوراني لـ”المدن”، أن الأداء الأمني للعهد الجديد لا يزال ضعيفاً وغير واضح الهيكلية، كما تغيب عنه الكوادر المتخصصة ويعاني من عدم وجود قاعدة معلومات يتحرك بموجبها، خصوصاً بعد أن طاول التخريب الأجهزة الأمنية السابقة التي كان من شأن الحفاظ عليها، توفير صورة معينة عن الحالات الأمنية وإمساك طرف خيط لها.
ويضيف حوراني لـ”المدن”، أن الأداء الأمني للعهد الجديد لا يزال ضعيفاً وغير واضح الهيكلية، كما تغيب عنه الكوادر المتخصصة ويعاني من عدم وجود قاعدة معلومات يتحرك بموجبها، خصوصاً بعد أن طاول التخريب الأجهزة الأمنية السابقة التي كان من شأن الحفاظ عليها، توفير صورة معينة عن الحالات الأمنية وإمساك طرف خيط لها.
ويلاحظ حوراني وجود بعض العناصر المحلية العسكرية المسلحة التي كانت بالأساس تعمل مع النظام، ومن بينها عناصر مستفيدة من ضعف النظام قبل سقوطه، وكان النظام في حاجة إليها لملء فراغ أو بهدف احتوائها كي لا تتحول إلى معارضته ومواجهته لذلك سلطها على المدنيين.
ويوضح أن تلك المجموعات سرعان ما بدلت توجهها بعد سقوط النظام، مسايرة للواقع الجديد، لافتاً إلى أن هذه الحالات موجودة في دمشق وحمص وحلب، وتتفاوت نسب وجودها في المدن المذكورة، وبعضها يقوم بأعمال السرقة وتتوعده الحكومة الجديدة برسائل غير مباشرة.
ويلفت حوراني إلى أن الاعتماد حتى الآن على هذه التشكيلات بالرغم من تورطها مع النظام السابق، ينبع من رغبة الحكومة في امتصاص تلك المجموعات وعدم مواجهتها، ولدور هذه المجموعات في كشف الشبيحة والمجرمين ومن ثم استخدامهم في أعمال أمنية، كما حصل في حالة فادي صقر جنوبي دمشق.