سلايدات

طرابلس تنتخب مجلساً بلا نساء وبلا مسيحيين!

كتب عمر حرفوش في نداء وطن:
تبدأ طرابلس مرحلة جديدة على المستوى البلدي، فالمجلس البلدي المنتخب، الذي يضمّ ممثلين عن مختلف مكوّنات المجتمع الطرابلسي (بغياب التمثيل الأنثويّ والمسيحيّ)، أمامه مهام كبيرة ومصيريّة. صحيح، أنّنا لا ننتظر من هذا المجلس تحقيق المعجزات بين ليلة وضحاها، ولا نطالبه بتحويل المدينة إلى “جنّة” على الفور، لكنّ هناك حدّاً أدنى من المسؤوليّات التي يجب عليه الاضطلاع بها.

في طليعة هذه المسؤوليات، يأتي وضع حدّ للتفلّت الأمنيّ والقضاء على مظاهر الميليشيات التي ما زالت تعبث بأمن المدينة. مثال على ذلك، ظاهرة “حرّاس المدينة” الذين لم يقدّموا يوماً أيّ مشروع حقيقيّ ينهض بالمدينة، بل كانوا سبباً في إفشال مشاريع حيوية، وإعاقة استثمارات، وتشويه صورة طرابلس.

من جهة أخرى، يُفترض بالمجلس البلدي أن يدرك أهميّة موقع طرابلس الاستراتيجي على البحر. فالمدينة تمتلك مرفأً من شأنه أن يلعب دوراً محورياً في عملية انتعاش سوريا، ما يوفّر فرص عمل كثيرة ويدرّ إيرادات مالية كبيرة على المدينة. كما أنّ مصفاة البداوي غير البعيدة، تشكّل بدورها واجهة اقتصادية مهمّة وفرصة لتشغيل اليد العاملة وجذب الاستثمارات.

إلى جانب ذلك، على المجلس البلدي الجديد أن يعمل على توعية أبناء طرابلس الذين يعانون منذ سنوات من التهميش والحرمان والفقر. من واجبات المجلس أيضاً، تشجيع المبادرات التعليمية والثقافية والفنية كإنشاء المسارح، الحدائق، والمساحات العامة التي تعيد الحياة إلى المدينة.

كما يجب أن يفتح المجلس البلدي الجديد قنوات تواصل شفّافة ومباشرة مع أبناء طرابلس المغتربين، هؤلاء الذين لطالما عبّروا عن رغبتهم في المساهمة بإنماء مدينتهم. هذه المبادرات الخارجية يمكن أن تأتي على شكل هبات متنوّعة، وهو ما أثبتته العديد من التجارب الناجحة التي استطاع بعض أبناء طرابلس تأمينها من الخارج، على سبيل المثال مبادرة “نحن طرابلس”.

باختصار، هذه المرحلة الجديدة تحمل في طيّاتها الكثير من التحدّيات والفرص. والكرة اليوم في ملعب المجلس البلدي المنتخب، إمّا أن ينجح في نقل طرابلس من واقعها المزري إلى واقع أفضل، أو يفوّت فرصة تاريخية طالما انتظرها أهل المدينة.

لكن في سياق التحدّيات التي تواجهها طرابلس، من المؤسف أن مجلس بلدية طرابلس المنتخب لا يضمّ في صفوفه أيّ عضو مسيحيّ. هذا الغياب يشكّل مؤشراً خطيراً ويكشف عن تراجع التنوّع الذي لطالما ميّز نسيج المدينة. وكان من الضروريّ الحرص على إعادة إشراك المكوّن المسيحيّ في العمل البلدي، وتشجيع حضوره الفاعل، لكن للأسف، هذه الخطوة لم تتحقّق، ولم نشهد أيّ مبادرات جدّية لدعم هذا التوجّه.

إلى جانب ذلك، هناك أمر مؤسف آخر يتمثل بعدم وجود امرأة واحدة من أصل 24 عضواً في المجلس البلدي. ما يُضعف دور المرأة في الشأن العام، وكان من المفترض أن يحرص المعنيّون والجهات التي ساهمت في تشكيل اللوائح على تعزيز حضور النساء في العمل البلدي لأنّ ذلك لا يعكس حقيقة أهمية ودور المرأة في المجتمع، ولا يتناسب مع صورة طرابلس ولا مع تطلّعاتها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى