
خرج استهداف القوة الدولية العاملة في الجنوب من سياق الإشكالات والحوادث المنفردة ليتحول إلى استهداف ممنهج لم تتضح أهدافه والتي تعاكس اتجاهات لبنان الرسمي الذي يتمسك بهذه القوة بمعزلٍ عن محدودية دورها في منع الإعتداءات الإسرائيلية. ومن الثابت، وفق الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين، أن المستفيد الأول من خروج هذه القوة الدولية من الجنوب هو إسرائيل، ذلك أن المزيد من حوادث الإعتداء على قوات اليونيفيل، سوف يضع لبنان في موقع ضعيف في مجلس الأمن الدولي، وسيعزّز فكرة أن وجودها “غير مفيد”.
ويجد المحلل الأمين في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أن “حزب الله”، الذي يقف وراء هذه الأعمال، ربما يرجّح “بقاء حالة الفوضى والإعتداءات الإسرائيلية في الجنوب، على أن يحسم قراره بالتحول إلى حزب سياسي وأن يسلّم بعدم وجود سلاحه”.
ويعتبر الأمين أن “الحزب هو أمام خيارين، إمّا أن يسلم سلاحه ويتحول إلى حزب سياسي ويدخل في مسار سياسي مختلف له تحدياته، وإمّا أن يتجه نحو خيار المحافظة على هذا السلاح ولكن مع استمرار عمليات الإغتيال الإسرائيلية”.
وبالتالي، يقدّر الأمين أن الحزب يرى أنه “قادر على تحمّل الإغتيالات التي تحصل، لأنه بهذه الحالة يضمن وجوده العسكري والأمني”، مستبعداً وجود أي تفسير “لإصرار الحزب على الإعتداءات على اليونيفيل لأن الحوادث ليست عفوية بل هي نتيجة تخطيط”.
أمّا الأخطر من هذه الممارسات كما يقول الأمين فهو أن “النتيجة لن تكون بالضرورة إخراج اليونيفيل من لبنان بل على العكس سيكون توجهاً نحو التشدد من قبل مجلس الأمن كتعديل صلاحياتها وفرض شروط جديدة على لبنان لقاء التمديد لليونيفيل”.
ويكشف الأمين عن تسريبات لمقرّبين من الحزب بأن “وجود اليونيفيل هو وجود عين إسرائيلية على لبنان، ولذلك فهي لن تعمل على إنهاء مهامها في الجنوب”، مؤكداً عدم دقة هذه التسريبات وأن “إسرائيل تريد طردهم”.
وبالنسبة للبنان، فيتحدث الأمين عن “حاجة إلى هذه القوات الدولية، كون إنهاء مهامها سيعني إنهاء أو رفع الغطاء الدولي عن لبنان، ومثل هذا القرار، سيطلق يد إسرائيل بشكل كامل خصوصاً مع اختلال موازين القوى لصالح إسرائيل بشكل مباشر، بمعنى أن العمليات الإسرائيلية ستصبح دورية ومستمرة ومن دون أي رادع”.
ورداً على سؤال عن موقف الرئيس نبيه بري وتأثيره على موقف “حزب الله” من اليونيفيل، يؤكد الأمين على “ضرورة ترقب الموقف الأميركي في مجلس الأمن، حيث قد ترفض واشنطن التجديد لليونيفيل بسب هذه الإعتداءات، رغم إصرار لبنان عليه، ما يستدعي ومنذ اليوم، صدور موقف رسمي وقرار بتوقيف المعتدين على اليونيفيل ومحاكمتهم، وهو ما لم يحصل بعد، ويهدد بوضع لبنان في موقع محرج لجهة عدم القدرة على منع الإعتداءات على الجنود الدوليين”.