سلايدات

كيف يجب أن يتعامل لبنان مع “الزمن الإسرائيلي”؟

كتب داني حداد في موقع mtv:

خرجنا من الزمن الإيراني، لندخل في الزمن الإسرائيلي. ما عادت عبارات الانتصار أو التهديد تلقى آذاناً تصدّقها إن خرجت ممّا سُمّي طيلة عقود “محور الممانعة”، فكُتبت في الساعات الماضية الأسطر الأخيرة من نهايته. يسقط الرأس، بعد أن قُطعت الأذرع، أو تكاد.

كان “طوفان الأقصى” أسوأ قرار يُتّخذ في تاريخ المواجهات بين العرب والعدوّ الإسرائيلي. جاء بعده، في السوء، قرار فتح جبهة إسناد انتهت باستشهاد الآلاف، من بينهم الأمين العام التاريخي لحزب الله، وتدمير قرى وأحياء، وأسر مواطنين، واحتلال أراضٍ، بالإضافة الى خسائر اقتصاديّة كبرى. على الرغم ممّا حصل كلّه، لم يخرج قياديٌّ واحد في حزب الله ليقول “أخطأنا”. لا بل خرج كثيرون ليعلنوا الانتصار وليكابروا وليهدّدوا لبنانيّين آخرين بالانتقام…
سقط بعدها بشار الأسد، ودُجّن الحوثي، وحُيّد العراق، وتُدمّر غزة فوق رؤوس أهلها و”حماس”، وبقيت طهران مع خطاب الأوهام نفسه يصدر عن مرشدها الأعلى الذي لا تتفاعل معه في لبنان سوى قلّة من الأبواق وبعض راكبي الدراجات الناريّة الذين جالوا في الضاحية احتفالاً بالردّ الإيراني على إسرائيل. للمفارقة، حصل هذا الاحتفال بعد ساعاتٍ من القضاء على أكثر من ٢٠ قياديّاً بارزاً في إيران، ومن تدمير جزءٍ كبير من قدراتها النوويّة.
نحن إذاً أمام شرقٍ أوسط جديد لن يكون هناك مكانٌ فيه للواهمين والمحتفلين بانتصاراتٍ هي أقرب بكثير إلى الهزائم. شرقٌ أوسط يحكمه بنيامين نتنياهو عبر آلة القتل التي يديرها، والتي تأخذ المنطقة إلى المجهول، بينما حسنتها الوحيدة أنّها كشفت محور الوهم الذي خدعنا طيلة عقود بأنّه قادر على إزالة إسرائيل والصلاة في المسجد الأقصى.

ولكن، أين لبنان من هذا المشهد؟
ما نخشاه أن يكون الخطاب الرسمي، وبعضه سمعناه في الساعات الأخيرة، من خارج الزمن الحالي ولا يواكب التغيير الكبير في المنطقة، ويغفل عمّا ارتكبته إيران بحقّنا، وهي التي خرج منها من كان يقول إنّ لبنان ولاية إيرانيّة.

هل يعني ذلك السير في ركب الزمن الإسرائيلي؟ أبداً، ولكن لا يجوز بعد ألا نعترف بموازين القوى في المنطقة، والعيش بوهم إزالة إسرائيل أو ادّعاء مواجهتها، إن عبر سلاح حزب الله أو حتى الجيش اللبناني. ولنعترف بأنّ التصدّي لإسرائيل وهمٌ أيضاً، لذا يجب البحث عن صياغة علاقة معها حدودها الدنيا الهدنة، وحدودها القصوى السلام والتطبيع.

إن أغفل لبنان الرسمي عن هذا الواقع فسيكون كمن يدفن رأسه في التراب. حينها لن يختلف بعض المسؤولين كثيراً عن راكبي الدراجات الناريّة الذين احتفلوا مساء أمس بما اعتبروه انتصاراً آخر.
ماذا نسمّي المهزومين الذين يحتفلون بالانتصار؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى