
مع دخول الحرب بين إسرائيل وإيران يومها الثامن، تتجه الأنظار إلى سوريا التي باتت تراقب المشهد من الخارج، بعد أن كانت ستصبح طرفًا أساسيًا في مثل هذا الصراع لو لم يسقط نظام بشار الأسد.
أغلقت سوريا مجالها الجوي بالكامل مع بدء المواجهة المباشرة بين تل أبيب وطهران، لكنها عادت وفتحت الأجواء جزئيًا لتسيير عدد محدود من الرحلات عبر الشركة السورية للطيران. يُذكر أن هذه الرحلات كانت محدودة أصلاً بفعل العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق، والتي لا تزال تداعياتها قائمة رغم رفعها جزئيًا في السنوات الأخيرة.
تنظر الإدارة السورية الجديدة إلى النزاع الإسرائيلي الإيراني كفرصة لانشغال “أهم خصمين” عن الساحة السورية، ما يتيح لها مجالاً أكبر لترسيخ استقرارها. وقال مصدر مقرب من الإدارة لـ”العربية.نت”: “الاستمرار في هذا النزاع يخدم الحكومة السورية، إذ يحدّ من التدخل الإسرائيلي والإيراني في شؤون البلاد”.
يرى الأكاديمي والمحلل السياسي السوري غسان إبراهيم أن الوضع الراهن يثير قلق البعض من أن إسرائيل قد تُصبح القوة الإقليمية الأبرز، ما قد يدفعها لتوسيع نفوذها في الأراضي السورية. ويشير إبراهيم إلى أن سقوط النظام الإيراني الحالي قد يجلب نظامًا أكثر اعتدالاً، مما يسهم في استقرار المنطقة إذا كان مقبولاً دوليًا وإقليميًا.
المحلل السياسي وجدان عبدالرحمن يرى أن النزاع الحالي جاء “في التوقيت المناسب” للحكومة السورية، موضحًا أن هذا الصراع يُخفف الضغط عليها من قِبل إيران وإسرائيل على حد سواء. وأضاف لـ”العربية.نت”: “لولا هذه المواجهة لتدخّلت إيران بأمور الحكومة الجديدة، وكذلك إسرائيل التي سبق أن استهدفت قواعد ومنشآت سورية مع وصول الرئيس أحمد الشرع إلى السلطة”.
تُشير مصادر مطلعة إلى أن الإدارة السورية الجديدة لن تنخرط في النزاع لعدة أسباب، أبرزها ضعف القدرات العسكرية وعدم امتلاك الإمكانات لمنع الطيران الإسرائيلي من استخدام الأجواء السورية. من جهته، أكّد عبدالرحمن أن دمشق تسعى لاستغلال فترة انشغال الخصوم لتعزيز الاستقرار الداخلي.
على مدى الأيام الماضية، شهدت سوريا تطورات ميدانية متسارعة. فقد أسقطت إسرائيل عشرات الصواريخ الإيرانية في المجال الجوي السوري، خاصة في المناطق الجنوبية مثل درعا والقنيطرة وريف دمشق، حيث تتواجد قوات إسرائيلية برّية.
لا تزال العلاقات بين دمشق وطهران فاترة رغم لقاءات رفيعة المستوى بين الجانبين منذ سقوط نظام الأسد. كما أن لقاءات سورية إسرائيلية لم تسفر عن نتائج ملموسة، إذ تستمر تل أبيب في التشكيك بنوايا الإدارة الجديدة، خاصة فيما يتعلق بتواجد قواتها على الحدود الشمالية.