سلايدات

ايران تكتب صفحة جديدة في المواجهة

كما بدأت الحرب على إيران بمفاجأة إسرائيلية، ومن ثم الضربة الأميركية للمنشآت النووية، وما تلاها من ضربة إيرانية لقاعدة العديد في قطر، جاءت المفاجأة بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف إطلاق النار وسريانه اعتبارًا من السابعة صباح اليوم. وبما أنه عصر المفاجآت، فقد أعلنت إسرائيل عن صواريخ أُطلقت من إيران على أراضيها، وهو ما نفته إيران. فهل يصمد وقف إطلاق النار، لا سيما أنه لا يمكن الركون إلى التزام إسرائيل بذلك، والشواهد كثيرة من غزة إلى بيروت؟

يرى رئيس شبكة مرايا الإعلامية، الكاتب والمحلل السياسي فادي بوديه، أنه من المبكر الحكم على مدى صمود وقف إطلاق النار، ويرجح أن الاتفاق كان يُحاك خلف الكواليس، وزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو والصين كانت في جزء منها لهذا الغرض، طبعًا دون الركون إلى مسألة التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار. ولا يستبعد أن تخرق إسرائيل هذا الاتفاق لأن تجبرتها في لبنان واضحة، ولكن خصوصية إيران قد تحول دون ذلك، لا سيما أنها آلمت العدو الإسرائيلي كثيرًا وبشكل غير مسبوق. فمشهد الدمار والقتل وهروب المستوطنين وعدم إيجادهم ملاجئ كان مشهدًا لم تشهده إسرائيل من قبل.

 

وظهرت إسرائيل، وفق وصف بوديه، خلال هذه الحرب عارية أمام المجتمع الدولي وأمام الدول التي تطمح إسرائيل للتطبيع معها؛ فهي عندما تدعو الدول إلى التطبيع، تدعوهم من منطلقين: الأول أنها قادرة على توفير الأمن والحماية، والذي سقط لأنها لم تعد قادرة حتى على حماية نفسها بفعل فشل الدفاعات الجوية في التصدي للصواريخ الإيرانية، والثاني وهو منطلق اقتصادي، فشل أيضًا، حيث يعاني الكيان من أزمة اقتصادية كبيرة، بغض النظر عن إسرع الدول لمساعدتها وإعادة تعافيها من جديد، لكن لم يعد في إسرائيل اقتصاد منتج وأصبح “اقتصاد تسول”.

 

ويلفت إلى موجة التحليلات التي تنطلق حول من انتصر ومن خسر في هذه الحرب، لكنه يجزم بأن إيران خرجت من هذه الحرب منتصرة بشكل كامل، والدليل أن صحيفة “معاريف” الإسرائيلية كتبت اليوم: “لقد خسرنا الحرب ووقف إطلاق النار هو لوقف انهيار إسرائيل”. حيث يوضح في هذا الإطار أن الأهداف التي وضعتها إسرائيل لحربها على إيران سقطت، فترامب الذي كان يدعو إيران للاستسلام منذ الضربة الأولى، دعاها أمس إلى السلام وبيت الاستسلام والسلام فرق كبير. ولم تسمح إيران، كما بدا واضحًا، بأن يبقى الاعتداء عليها بدون رد.

 

كما يؤكد بوديه، مشيرًا في هذا السياق إلى أن استهداف قاعدة العديد في قطر يتناسب مع حيث الرد على استهداف منشأة فوردو، فهذه القاعدة درة القواعد الأميركية في المنطقة وتعتبر قيادة المنطقة الوسطى الأميركية، وفي الموازاة تعتبر منشأة فوردو درة المنشآت النووية الإيرانية، وكانت قد أُخِذت منها المواد والمعدات الاستراتيجية للتصنيع. وبالتالي الضربة الأميركية التي أصابت فوردو أصابت جزءًا من المنشأة التي لم تتضرر بالكامل، وتحولت الضربة إلى ضربة معنوية ولم يسقط فيها شهداء أو جرحى، وكذلك لم يسقط قتلى أو جرحى في قاعدة العديد. ويوضح أن إيران لم تهدف إلى القتل لأن الضربة الأميركية لم تقتل أي إيراني ولم تجرح أحدًا، وبالتالي التناسب في الضربة هو تحت هذا العنوان، أما إسرائيل فإنها واجهت الضربة الأخيرة لإيران فهي هي من أطلقت الطلقة الأخيرة على إسرائيل.

 

لكنه يتساءل عن احتمال صمود وقف إطلاق النار، مشددًا على أن هذا الأمر مرتبط بمدى التزام إسرائيل ونيتها بوقف إطلاق النار، لأن وقف إطلاق النار في هذا التوقيت هو هزيمة استراتيجية كبرى لإسرائيل وانكشاف بنيامين نتنياهو أمام المجتمع الإسرائيلي الذي ذهب إلى الحرب تحت عنوان وقف البرنامج النووي الإيراني ولم يستطع، وكذلك تدمير منظومة الصواريخ الباليستية، وقد فشل في هذين الهدفين. كما أنه وضع هدفًا بقطع يد إيران في المنطقة، لكن خلال الحرب على إيران ظهر مدى ارتباط شعوب المنطقة بإيران وبفكرة المقاومة.

 

أما فيما يخص تغيير النظام في إيران، فهو شعار يهدف إلى بث روح سلبية داخل المجتمع الإيراني، وكان يُعتقد أن التباين بين المحافظين والإصلاحيين هو تباين على مستوى النظام، ولا يعلم أن التباين على مستوى إدارة النظام. فالخلاف ليس على النظام الذي يقوم على أن إيران جمهورية إسلامية قامت على ثورة الإمام الخميني، لأن أي اختلاف سياسي لا يمس بهذا المبدأ، فالخلاف بين الطرفين يقوم على استراتيجية إدارة الدولة.

 

كما يشير إلى أن الموقف الأميركي أثبت أنه لم يستطع تحقيق أهدافه في إيران. ويؤكد أننا في كل وقت أمام ساعات حاسمة فيما يتعلق بالحرب، فأي خطأ يمكن أن يعيد الأمور إلى المربع الأول، ومسألة صمود وقف إطلاق النار أو نجاح المبادرة أو فشلها مرتبط بإسرائيل، فهي من خلطت أوراق المفاوضات كلها في غزة ولبنان وبغطاء أميركي. وفي حال حصل ما هددت به إسرائيل بعد الادعاء بإطلاق صواريخ من إيران، فالأمور ستذهب إلى العودة للحرب، في حال لم تتدخل الدول الراعية لضبط إسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى