
في ظل الملفات الشائكة التي يواجهها لبنان وتحديدًا ملف سلاح حزب الله، يطلّ الكاتب والمحلل السياسي غسان ريفي ليُسلط الضوء على الأولويات التي يجب أن تحكم الموقف اللبناني.
ويؤكد ريفي، أنه “في نهاية المطاف، لن يصحّ إلا الصحيح، والصحيح هو أن أولوية رئيس الجمهورية تكمن في انسحاب العدو الإسرائيلي، والتزامه باتفاق وقف إطلاق النار، وأن يوقف الانتهاكات والاغتيالات، إضافة إلى إطلاق الأسرى، للبدء بإعادة الإعمار بشكل تلقائي”.
أما في ما يخص ملف السلاح، فيرى أنه “قد يكون هذا العنوان مطروحًا إما كبند أول بعد الانسحاب الإسرائيلي، أو كبند ثانٍ، أي أنه يأتي في سياق لاحق ومنطقي بعد الالتزام بوقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي، وفي هذه الحالة يمكن للبنان أن يضع آلية واضحة لمعالجة هذا الملف، لكن أن يُطلب من لبنان ما ورد في ورقة باراك، أي أن يتصرف كمهزوم ويُفرض عليه الاستسلام وتسليم سلاح الشريحة التي تتعرض لاعتداءات متواصلة من قبل إسرائيل، فهذا أمر لا يليق بلبنان، ولا ينسجم مع مفهوم السيادة الوطنية”.
ويشدّد على أن “السيادة اليوم لا تُختزل بنزع السلاح، بل تبدأ من إنهاء العدوان الإسرائيلي، ووقف الانتهاكات للحدود والكرامة الوطنية، وهنا يُطرح السؤال الكبيرأي سيادة يتحدث عنها البعض في ظلّ وجود احتلال؟ السيادة الحقيقية تقتضي أن يكون لبنان خاليًا من الاحتلال، لا خاليًا من المقاومة، فالاحتلال هو الذي يُنتج المقاومة، ومن يريد السيادة فعليًا عليه أن يعمل أولاً على إنهاء الاحتلال، وحين يتحقق ذلك، ويعود البلد إلى طبيعته، يصبح بالإمكان النقاش بهدوء حول مسألة السلاح، وكيفية وضعه تحت إمرة الدولة وحصره بها، أما المطالبة بنزع السلاح في ظلّ الحرب، فهي أشبه باستسلام، وهو أمر لا يليق بلبنان، ولا يليق بالمقاومة، ولا يمكن أن تقبل به المقاومة تحت أي ذريعة”.
وعن الحديث عن عودة “داعش” لصرف النظر عن ملف تسليم سلاح حزب الله، يقول: “لا شيء يمكن أن يحجب الأنظار عن شيء آخر في لبنان، فجميع الملفات مفتوحة على مصراعيها، ومن المواقف الملتوية اعتبار أن الحديث عن تنظيم ‘داعش’ يهدف إلى صرف النظر عن ملف السلاح، فهذا قول خبيث وغير دقيق، خاصة من المعروف اليوم أن “داعش” باتت تتحرك وفقًا للحاجة الدولية، أي أنها تعمل عند الطلب، وفق أجندات إقليمية ودولية، وعليه فإن مسؤولية التعامل مع هذا الخطر تقع بالدرجة الأولى على الدولة اللبنانية، والجيش اللبناني، ومخابرات الجيش، والأجهزة الأمنية المعنية التي تملك المعلومات وتتحرك على الأرض”.
ويشير ريفي إلى أن “في الواقع، “داعش” تمثل التحدي الأبسط مقارنة بما يُطرح على مستوى السيادة، فإذا كانت الدولة تطالب بحصرية السلاح، وتسعى إلى تثبيت سيادتها وكلمتها داخل لبنان، فعليها على الأقل أن تواجه هذا التهديد المباشر، وأن تتحمّل مسؤولية مواجهة الخروقات الأمنية الخطيرة التي تمسّ جوهر الأمن اللبناني، ولا يعتقد أن هذا الملف مرتبط بشكل مباشر بملف السلاح، رغم احتمال أن يكون جزءًا من مخطط دولي أوسع هدفه زيادة الضغط على لبنان في هذه المرحلة الدقيقة، لكن في نهاية المطاف يبقى هذا الملف لبنانيًا صرفًا، أمنيًا بامتياز، وتقع مسؤوليته بالكامل على عاتق القوى الأمنية، فهي المعنية الوحيدة بهذا التهديد، وأي خرق قد تُقدم عليه “داعش” سيكون بمثابة فشل أمني تتحمّله الأجهزة الرسمية، كما تتحمّله الحكومة اللبنانية مباشرة، فنجاح أي عملية إرهابية يعني وجود تراخٍ غير مبرر في أداء المؤسسات الأمنية، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق في ظل الظروف الخطرة والدقيقة التي تمرّ بها البلاد”.