سلايدات

لبنان وإسرائيل: هل تُفتح المعابر بدل الأنفاق؟

كتبت سينتيا سركيس في موقع Mtv:

 

يهتزّ لبنان كلما اهتزّ الشرق الاوسط، وكلما تخاصمَ اثنان… يهتزّ لبنان كلما أتت إشارةٌ من الخارج إلى ضعفاء النفوس في الداخل… كذلك يهتزّ لبنان كلّما تلفّظ أحدهم بعبارة السلام مع إسرائيل. إلا أن رياح التغيير العاصفة في المنطقة عمومًا وفي لبنان خصوصًا، أرست معادلاتٍ جديدة وجعلت من المستحيل فعلا ماضيا، حتى باتَ السلام مع إسرائيل جدليّا وربما ليس مستحيلا.

وها هو لبنان الذي يحلمُ بالحياد ويعيشُ في قلب العاصفة، يجدُ نفسه أمام سؤالٍ عريض: هل السلامُ مع إسرائيل ممكن؟
منذ احتلال فلسطين عام 1948، ثم الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والحرب المفتوحة التي تخلّلتها اعتداءات متكرّرة على الجنوب، لم يكن السلام سوى كلمة ممنوعة في القاموس السياسي اللبناني. فكيف يمكن لشعبٍ ما زال يلملمُ أشلاءَ ذاكرته، أن يمدّ يده؟
العوائق في هذا الإطار قد تكون كثيرة ومتعدّدة، في مقدّمها رفضُ فئةٍ من اللبنانيين أيّ شكلٍ من أشكالِ التّطبيع بعد التاريخِ الدمويّ مع الدولة العبرية، وهو ما يمكنُ اختصاره بعبارة “ذاكرة الشعوب” وذلك بعد الحروب الأخيرة من الغزو الإسرائيلي عام 1982 إلى حرب تموز 2006، وصولا إلى الحرب الاخيرة بعد حربِ الإسناد التي خاضها “حزب الله” والتي كانت مدمّرة له بالدرجة الاولى، وكذلك للبشر والحجر.

قضيةُ مزارعِ شبعا، تُعتبرُ عائقًا إضافيّا أمام السلام مع إسرائيل، باعتبارها أراضٍ لبنانية محتلة، رغم أن أصواتا كثيرة ومن ضمنها الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تعلو بين حين وآخر لتؤكد أنها سوريّة الهوية، وانها تُستعمل من قبل البعض كذريعة للحفاظ على السلاح، ولإبقاء مشعل القضية مستعرًا.
في المقابل، تبرزُ إلى الواجهة عواملُ عدّة قد تمهّدُ الطريق إلى تغيير الواقع أعلاه، والذهاب إلى حلّ السلام، في مقدّمها طبعًا التغييرات الإقليمية حيث أن عددًا من الدول العربيّة شرعَ في إقامةِ علاقاتٍ مع إسرائيل أضف إلى الإطاحة بالكثير من المعادلات التي كانت قائمة قبل طوفان الأقصى وحربِ إسرائيل على إيران، والخسائر الجمّة التي أصابت طهران وأذرعها في المنطقة وخصوصا حزب الله، حتى بات الكلامُ عن هدنةٍ او حتى تطبيعٍ مع إسرائيل أمرًا عاديّا وليس جُرمًا او حتى عمالة كما درجت العادة في السنوات السابقة.
إتفاقُ الترسيمِ البحري عام 2022 مع إسرائيل، شكّلَ خطوةً عمليةً نادرة بين البلدين برعايةٍ أميركية، وهو ما يُعتبرُ سابقة وربما مقدّمة لترسيم كل الحدود والوصول إلى نهايةٍ للصراع القائم، وربما يؤشر إلى أن “السلام الاقتصادي” بات أكثر واقعية من “السلام السياسي”. كل ذلك، يُضاف إليه جيلٌ شاب أقلّ إيديلوجية وأكثر انفتاحًا للنقاش بشأن السلام بحالِ توافر الظروف السياسية.

فهل يأتي يوم تُفتح فيه المعابر بدل الانفاق؟ وهل يتجرّأ لبنان… قبل أن تفرضهُ الظروف؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى