
كتبت نجوى أبي حيدر في المركزية:
ماذا يريد حزب الله من الابقاء على سلاحه واستمرار تعريض لبنان واللبنانيين لخطر الموت؟ سلاح فقد وظيفته الدفاعية منذ حرب الـ66 يوماً، لا يوُجّه الا الى الداخل على غرار تظاهرة الاسبوع الماضي المُستفزِة، ولا يردُ عدوانا يستهدف الجنوبيين يومياً، ولا مستقبل له في ظل تحول آليات الحروب من عسكرية الى تكنولوجية بامتياز ومَن يتفوق يربح.
سلاح ما زال بعد سبعة اشهر ونيّف على وقف العدوان الاسرائيلي بموجب اتفاق وقف اطلاق النار يحرم لبنان المساعدات الخارجية، المربوط كل فلس منها بتسليمه وبسط سلطة الدولة بدءا من جنوب الليطاني الى شماله، ويحرم اللبنانيين لقمة عيشهم بضرب الاستقرار والاقتصاد والازدهار والسياحة، ومن هُدِمت منازلهم وضُربت مصادر ارزاقهم إعادة اعمارها. سلاح اندحر مشروعه في لبنان كما في ايران واستمرار التمسك به بات انتحارا لحامله ونحرا لدولة لبنان وشعبه، فعلى ماذا يراهن الحزب؟
تقول اوساط سياسية لـ”المركزية” ان لم يعد امام هذا السلاح الا وظيفة الموت اليومي واحصاء الضحايا، وعلى السلطة السياسية الرسمية تحمل مسؤولياتها في مجال فرض حصر السلاح وتطبيق ما ورد في خطابي القسم والبيان الوزاري، والا فإن كل ما مَنَّ اللبنانيون النفس به سيبقى حبراً على ورق، لا بل سيدفع لبنان كله ثمن التقاعس الرسمي عن انجاز هذه المهمة، ويفتح لاسرائيل المجال لتهجير المزيد من اللبنانيين ومواصلة اعتداءاتها. وتؤكد ان ما ينقص الدولة هو اتخاذ القرار في لحظة تكاد تكون الانسب على الاطلاق. فالراعي الاقليمي للحزب، ايران، منهك جراء الضربات الاسرائيلية والاميركية، الحليف السوري سقط واقفل النظام الجديد الابواب الحدودية عليه، والحزب فقد كل مقومات قدرته على المواجهة بعد الحرب الاخيرة، فهل من فرصة أفضل من هذه لاستعادة الدولة زمام المبادرة وحصر السلاح بيدها؟
الاوساط تعتبر ان ما يتردد عن ثمن يتطلع الحزب الى قبضه مقابل تسليم سلاحه بمكاسب في الدولة العميقة لا مجال لتقريشه في نظام المناصفة وفق دستور الطائف الذي كرّس المشاركة بين المسلمين والمسيحيين، وإن كان من مجال لمنح الطائفة الشيعية اي موقع في السلطة فلا بدّ ان يكون من ضمن حصة المسلمين، لا على حساب المسيحيين، فالمثالثة غير واردة والمواقع الموزعة على الطوائف والمذاهب لا تحتمل اي تغيير الا ضمن الطائفة نفسها، وخلاف ذلك اضغاث احلام.
قطار التغيير لارساء مشروع السلام في المنطقة انطلق بزخم، ومن يعرقل وصوله الى المحطة الاخيرة يبقى خارجه. شأن تبلغه اهل الحكم وتلقوا، وما زالوا، تحذيرات من مغبة تفويته. فهل يحسمون، لمرة واحدة، امرهم في اتجاه اعادة لبنان الى ما كان وما وعد به اليوم توماس برّاك “لؤلؤة المتوسط ” ام يأتي يوم، وليس بعيدا على الارجح، يتحسر الللبنانيون على وطن الارز، حينما تصبح سوريا قبلة الانظار ومقصد رجال الأعمال والمستثمرين والسيّاح؟