
كتبت نجوى أبي حيدر في المركزية:
لم يعد من مجال للشك ان الولايات المتحدة الاميركية تولي عناية خاصة للملف اللبناني، ليس لكون لبنان بالذات يهمها استراتيجياً، انما جغرافياً باعتباره جار اسرائيل الساعية الى إبعاد كل خطر محدق بها، ولبنان مصدر اساسي له بوجود ذراع ايران الاقوى في المنطقة حزب الله.
وما ان غادر الدبلوماسي الاميركي الهادئ توماس باراك بيروت الى دمشق التي التحقت بالقطار الاميركي ومشروع السلام، في ظل معلومات عن لقاء سيعقد بين الشرع ورئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في ايلول المقبل، حتى اطل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ليؤكد في تصريح امس، ” ان على الصعيد الأمني القوات المسلحة اللبنانية أحرزت تقدمًا في نزع سلاح حزب الله في الجنوب لكن لا يزال هناك المزيد من العمل المطلوب”. واننا “نحتاج إلى أن تقوم الدولة اللبنانية بالمزيد لإزالة الأسلحة والبنى التحتية التابعة لحزب الله والجهات غير الحكومية في أنحاء البلاد بشكل كامل…لا نريد أن نرى حزب الله أو أي جماعة أخرى في لبنان تستعيد قدرتها على ارتكاب أعمال عنف وتهديد الأمن في لبنان أو إسرائيل.”
وبين مواقف برّاك وورقته للبنان والرد المرتقب وبين مواقف الخارجية الاميركية خلاصة واحدة، نزع سلاح حزب الله بغض النظر عن الـ”كيف” والـ “اين” ولكن بإصرار على “متى”.
صبر الرئيس دونالد ترامب ليس طويلاً، قالها برّاك بالفم الملآن، و”سلاح حزب الله شأن لبناني يجب أن يُعالج في لبنان، وواشنطن لن تتدخّل” .لكن ماذا عن اسرائيل السائرة وفق المعطيات الاخيرة في اتجاه رسم خط نهاية لحرب غزة، بعد ضمانات يبدو منحها ترامب لنتنياهو؟ فهي، ان لم تحصر الدولة اللبنانية السلاح بأجهزتها العسكرية والامنية من دون مماطلة وتذاكٍ، قد تقدم على ذلك بنفسها بتكرار سيناريو الحديد والناروالتكنولوجيا الذكية. وبرّاك خلال وجوده في بيروت لم يقل مرة ان اسرائيل لن تتدخل في ما لو لم تفِ الدولة اللبنانية بالتزاماتها او تنجز الوظيفة المطلوبة منها دولياً. وضع المسؤولين امام خيارين الامن والازدهار والسلام او اضاعة الفرصة، وهي فرصة اخيرة تحدث عنها تكرارا الاميركيون. المسألة لا تحتاج كثير جهد لتفكيك شيفراتها، فبين الابيض والاسود ماذا يختار لبنان، ومشاكله “وحده قادر على حلها لأن احدا لن يأتي من الخارج ليعمل على تفكيك حزب الله أو سحب سلاحه”؟
صحيح ان الدبلوماسي اللبناني الاصل لم يلجأ الى لغة التهديد والوعيد على غرار اسلافه، ولا حدد مواعيد او خطوطا حمر، وصحيح ان الادارة الاميركية مرتاحة الى رد لبنان، لكن الصحيح ايضا ان على لبنان الاسراع في تنفيذ المطلوب منه وعدم مسايرة الحزب الذي لا يمر يوم من دون ان يؤكد احد من قياداته ان لا تسليم للسلاح الا بشروطه. لأن خلاف ذلك سيبقيه في القعر والحضيض فيما دول المنطقة كلها تسير في الاتجاه المعاكس، فإما تجهد الدولة للوصول إلى تفاهم مع الحزب حول آلية تسليم السلاح للدولة، والا فلتتصرف باللازم والمناسب وتتخذ القرار والإجراءات الكفيلة بذلك، لأن احدا لن ينتظرها الى ما شاء الله.