سلايداتمقالات

إيلون ماسك ورفيق الحريري

جاء في افتتاحية اللواء:

اعلان الملياردير الاميركي إيلون ماسك عن تأسيس حزب (اميركا اولاً)، اثار موجة واسعة من النقاش في الاوساط الفكرية ومراكز الابحاث والمؤسسات الاعلامية داخل اميركا وخارجها، لان تأسيس حزب جديد يعتبر محاولة لاعادة تشكيل العلاقة بين الناخب والدولة من خلال انخراط التكنولوجيا الحديثة كشريك فاعل، وايلون ماسك رجل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يحاول دخول عالم السياسة، من خارج الاحزاب التقليدية ومؤسسات الدولة العميقة.

اعلان ايلون ماسك جاء في لحظة تاريخية تشهد انتفاضات شبابية واسعة في جامعات وعواصم الغرب من نيويورك الى باريس الى لندن ومدريد، رافضة عمليات الإبادة والفصل العنصرية والتواطؤ السياسي، بالاضافة الى تصدع القيم الليبرالية الغربية تحت وطأة الشعبوية وازمات الهوية وقضايا المهاجرين ومع ظهور موجات عالمية تدعو الى احترام المواثيق الاممية وتجديد القيم الديموقراطية وتحذر من فوضى التحالفات الدولية

إعلان إيلون ماسك اعاد إلى ذاكرة شريحة من اللبنانيين تجربة رفيق الحريري الرجل الذي جاء إلى السلطة من خارج عائلاتها وميليشياتها، ويحمل معه مشروع دولة حديثة تقوم على ان ثروة لبنان هي الاستثمار بالانسان وبناء مستقبل الأجيال أولوية وطنية، ورفيق الحريري حمل مشروع انقاذي مبني على العدالة التعليمية عبر مؤسسة الحريري وعلى ردم الهوة العميقة بين المركز والاطراف عبر الإنماء المتوازن وبناء جسور الثقة بين المواطن والدولة عبر حكومات الحكم والمسؤولية، واغتيال رفيق الحريري لم يستهدف شخصه فقط، بل اغتيال فكرة الدولة الحديثة القوية والعادلة والجامعة.

           إيلون ماسك ورفيق الحريري رجلا أعمال ناجحين ويمتلكان شجاعة الأحلام، وعلى الرغم من التباين في الزمان والمكان والأدوات بين التجربتين، الا ان المعادلة واحدة وهي أن المغامرة مهما كانت جاذبة تبقى محفوفة بالتعقيد والمخاطر، فالذكاء الاصطناعي في اميركا بحاجة الى التكامل مع مؤسسات الدولة العميقة، كما أن بناء الانسان والعمران لم يقم الدولة في لبنان نتيجة تفوق العقود الثنائية على العقد الوطني الجامع وتقدم الهويات الطائفية على الهوية الوطنية الواحدة، إيلون ماسك امام مغامرة بالغة الدقة والغموض ورفيق الحريري قبل الاغتيال نجح في جعل المستحيل ممكن في لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى