سلايداتمحليات

خارطة أقاليم الأقليات إلى التنفيذ…دروز السويداء إلى قلب الدولة بضمانات أميركية-إسرائيلية !

كتبت جوانا فرحات في المركزية

 على خلفية اعتداء تعرض له سائق شاحنة خضار درزي منذ يومين أثناء عودته ليلا إلى السويداء وتحديدا عند النقطة الواقعة بين خربة الشايب والفيلق الأول في ريف دمشق، اندلعت المواجهات في السويداء وبدأت تتطور لتأخذ منحىً تصاعدياً وتمهد لإرساء الخارطة الجيوسياسية الجديدة لسوريا ما بعد انهيار حكم بشار الأسد وإخراجه من سوريا.

قصة الإعتداء على السائق الدرزي انتهت بسلبه سيارة النقل وما فيها من صناديق خضار ومبلغا ماليا قُدر بحوالى 695 دولارا ولم يكن أحد في وارد أنها ستكون أشبه ببوسطة عين الرمانة التي أشعلت الحرب الأهلية في لبنان عام 1975. وفي لحظة يبدو أنه كان مخططا لها، اندلعت الإشتباكات في السويداء بين مسلحين من الطائفة الدرزية وآخرين من العشائر البدوية، وأدت إلى سقوط قتلى.

اللافت في هذه الأحداث المستمرة في السويداء دخول إسرائيل على الخط مباشرة بحجة حماية لدروز كما دأبت في حوادث سابقة منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الثاني  2024. ففي خطوة مفاجئة، أعلنت إسرائيل تنفيذ ضربات جوية على أهداف عسكرية سورية قرب السويداء، مبرّرة تدخلها بـ”حماية الدروز من انتهاكات حكومية وتهديدات متطرفة”. هذه الضربات، التي وُصفت بأنها الأعنف منذ سنوات في الجنوب، فتحت باب التكهنات حول نوايا إسرائيل المستقبلية في خلق شريط أمني جديد قرب الجولان على غرار تجربة جنوب لبنان في الثمانينيات. إلا أن تدخلها هذه المرة يأتي بعد “اختراق” كبير في الاتصالات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة السورية الجديدة، وعقب لقاءات إسرائيلية – سورية عُقدت على مستوى أمني عال في أذربيجان، وقيل إنه حصل على مستوى وزيري خارجية البلدين.

وعلى رغم كل المبررات الإسرائيلية” فإن تعقيدات المشهد ستتضاعف بين العاصمتين اللتين كانتا قطعتا شوطًا كبيرًا نحو التطبيع أو التفاهم الأمني على الأقل، وقد تكون هناك استحالة لإبرام اتفاقيات أمنية، وإذا وُجدت فالتكتم سيد الموقف.

الكاتب والباحث السياسي خالد زين الدين يؤكد لـ”المركزية” أن التدخل الإسرائيلي في السويداء جاء هذه المرة “من منظور يتعلق بالأمن لدى تل أبيب”، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي رسم “خطوطًا حمراء” في الجنوب السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد. ويعتقد أن هناك تفويضا أمريكيا وغربيا للشرع لاستعادة كل المناطق الخارجة عن سيطرة الإدارة السورية الجديدة، بما في ذلك السويداء وشرق الفرات، خصوصًا أن هناك “تحولًا دوليًّا” ضد دعوات الانفصال للأقليات السورية. واليوم تعمل إسرائيل على إنشاء دولة فاصلة للدروز بين العرب وإسرائيل من جبل لبنان إلى السويداء مرورا بجبل الشيخ ويندرج هذا المشروع ضمن سياق ولادة أقاليم جديدة لضمان استقرار سوريا”.

تمثل الطائفة الدرزية في سوريا أقلية متماسكة تقليديًا، لكن الأحداث الأخيرة كشفت انقسامًا داخليًا متصاعدًا. فبينما يطالب شيخ العقل حكمت الهجري بالحكم المحلي وحماية مجتمعية مستقلة، يرى آخرون ضرورة الانفتاح على تحالفات خارجية حتى مع إسرائيل أو واشنطن لتحقيق أمن ذاتي بعد سنوات من الإهمال والتهميش. وظهرت دعوات ضمنية لإقامة إدارة ذاتية أو كيان محلي مستقل في السويداء، مشابه للنموذج الكردي في الشمال الشرقي، ما أثار قلق دمشق وحلفائها من إمكانية تفكك الخريطة الوطنية.

وفي السياق، يذكّر زين الدين بكلام رئيس الحزب الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي طالب دروز سوريا بالعودة إلى الدولة وهذا ما ستؤول إليه الأمور مع حصولهم على بعض الإمتيازات أو ما يعرف باللامركزية المبطنة. ويشير إلى أن الجيش الإسرائيلي الذي يقاتل الفصائل المتمردة والمسلحة في السويداء سيتمكن من القضاء عليها بضمانات أميركية-إسرائيلية كما تم القضاء على التمرد الكردي في سوريا التي تدخل مرحلة جديدة في تاريخها تحت عنوان:لا للعنف نعم للإستقرار. من هنا نفهم كلام جنبلاط عندما طالب بعودة دروز سوريا إلى الدولة لأنه أدرك أن القرار أكبر من سوريا.وفي حال استمروا بالرفض والتمرد يكون مصيرهم كمصير الأكراد.

مع استمرار التوتر وتعدد اللاعبين يبدو أن السويداء باتت مرشحة لأن تكون بؤرة تصعيد سياسي وعسكري إقليمي. وما يحدث فيها لا يُقرأ فقط من زاوية داخلية، بل يُعيد طرح أسئلة قديمة – جديدة حول مستقبل سوريا كدولة موحدة، ودور الأقليات في رسم خرائط النفوذ الجديدة. فهل تكون أحداث السويداء التي اندلعت على خلفية سيارة محملة بالخضار بداية لعودة الجبهات سواء على الجانب العلوي والكردي؟

” التمرد سيُقمع ولا يفترض أن تطول مدة عملية القضاء على الفصائل لأن المشهد سينسحب على العلوي والأكراد ويؤخر مشروع السلام الإسرائيلي- السوري .والرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا حكمت الهجري سيرضخ في النهاية مقابل ضمانات وستكون له كلمة برعاية إسرائيلية-أميركية”يختم زين الدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى