
كتب داني حداد في موقع mtv:
تُكتب مأساةٌ جديدة في هذا الشرق الحزين، مهد الأديان ومعقل تشويهها. من يقتل باسم الدين جرمه مضاعَف. لا يختار أحدٌ منّا دينه، ولكنّنا نختار إنسانيّتنا، وهذه، حين تسقط، لا ينفع دينٌ أو صلاةٌ أو سجودٌ أو ابتهالٌ الى الله. وهل يجيز الله القتل والإهانة؟
مناسبة هذا الكلام ما يجري في السويداء بحقّ الدروز. تدفعنا إنسانيّتنا الى التعاطف معهم. يدفعنا ضميرنا الى رفض تحويلهم الى ورقةٍ في خريطةٍ إقليميّة يُعاد رسمها، بين سلطةٍ سوريّة وُلدت من رحم الإسلام المسلّح المتطرّف، وبين إسرائيل التي تفرض نفسها شرطيّاً، من الجوّ، على المنطقة، وبين بعض العرب الذين لا يعنيهم تهجير دروزٍ من أرضهم، ولا تفجير كنيسةٍ وتحويل بعض من فيها الى أشلاء.
نتعاطف مع دروز سوريا، لأنّنا نحبّ دروز لبنان، وهم جزء لا يتجزّأ من تاريخ هذا البلد، لا يُقاس حضورهم فيه بعددٍ ولا يجوز اختصارهم بزعيم، ولا يجوز، خصوصاً، تحويلهم الى سلعةٍ يُتاجَر بها في زياراتٍ أو مفاوضات…
ومؤلمٌ جدّاً خجل بعض دروز لبنان، من السياسيّين طبعاً، في التعبير عن موقفهم ممّا يجري في السويداء، بقدر ما هو مستنكَر أن “يفشّ” البعض “خلقه” بمواطنين سوريّين لا ذنب لهم. ومؤلمٌ أيضاً أن يدافع بنيامين نتنياهو، صاحب اليدين الملطّختين بدماء أبرياءٍ في لبنان وفلسطين، عن دروز سوريا بينما يحجم بعض العرب عن إصدار، على الأقلّ، بيانات تعاطف إنشائيّة.
وإن شئنا الصراحة، لانتقدنا أيضاً الموقف اللبناني الرسمي الذي أدان الغارات الإسرائيليّة على دمشق، ولم يُدِن الاعتداءات التي تُرتكب بحقّ أهالي السويداء. ثمّ، هل سمعنا يوماً موقفاً رسميّاً سوريّاً يدين الاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان، حتى نفعل المثل؟
لن أستفيض في الكلام عن أسباب وتداعيات ما يجري في السويداء، وما يرتبط بالمفاوضات السوريّة الإسرائيليّة التركيّة في العاصمة الأذربيجانيّة، وبمشروع تقسيم سوريا، وبمصير أحمد الشرع…
ما يهمّني هو الإنسان الدرزي الجريح، من لبنان الى السويداء. هذه السطور من أجله، من منطلقٍ إنسانيٍّ يحتّم التعاطف مع كلّ مظلوم. ومن منطلقٍ مبدئيٍّ رافضٍ لكلّ استخدامٍ للدين في العنف. ومن منطلق وعيٍ سياسيٍّ مستنكِر لتحويل أبناء طائفة الى ورقةٍ في صراعاتٍ أو ادّعاء أدوار. والبعض في لبنان ليس بعيداً عن ذلك أيضاً.