سلايداتمقالات

ملامح تفكيك سوريا تعود الى الواجهة… من السويداء تبدأ القسمة؟

كتبت ماريا رحال في موقع  mtv:

 

تشهد محافظة السويداء السورية تطورات متسارعة تفتح باب التساؤلات حول مستقبل سوريا ووحدتها الجغرافية. ومع تصاعد الأحداث الأمنية والانقسام السياسي، يعود طرح خيار التقسيم كواحد من السيناريوهات الاستراتيجية التي تتأثر بعوامل خارجية وداخلية معقدة.

لم تعد الدولة السورية صاحبة القرار الأول في تحديد مصيرها، بل تخضع لمعادلات نفوذ دولية وإقليمية. فتركيا، من جهتها، ترفض التقسيم بشكل قاطع، انطلاقًا من خشيتها من قيام كيان كردي قرب حدودها، ما يُهدد أمنها القومي. أما إسرائيل، فترى في التقسيم فرصة لإضعاف سوريا، وتحويلها إلى كيانات متناحرة تخدم أمنها واستقرارها.
وفي حديث خاص لموقع mtv، يؤكد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد حسن جوني أن “إسرائيل تسعى إلى إقامة منطقة عازلة شمال الجولان تمتد من جبل الشيخ إلى درعا فالسويداء، بهدف تأمين حدودها وإضعاف الدولة السورية”. ويرى أن ما حصل أخيراً في السويداء يعزز هذا المسار، خصوصاً مع انسحاب قوات النظام بعد ضربة إسرائيلية على دمشق، ما عزز من شعور أهالي السويداء بالتخلي عنهم، وعمّق الشرخ مع الدولة المركزية.
ويضيف جوني أن “الضربة الإسرائيلية جاءت بمثابة رسالة دعم ضمنية للدروز، وهي تسعى إلى استغلال هذا الواقع لتعزيز التواصل مع فعاليات محلية داخل السويداء، تمهيدًا لبناء علاقات سياسية واجتماعية مستدامة”. ويُلمّح إلى وجود قنوات اتصال غير معلنة بين دروز سوريا وإسرائيل تعمل تل أبيب على تطويرها.

لا يمكن هذه التطورات عن المشهد الإقليمي الأوسع. فاحتمالات تكرار سيناريو التقسيم قد تتسلل إلى دول مجاورة كلبنان والعراق، اللتين تتشابهان مع سوريا في هشاشة بنيتهما الطائفية والسياسية. ويحذّر جوني من “مشهد دومينو” قد يصيب بلاد الشام بالكامل، في ظل تفاقم قضايا الأقليات وتراجع الدولة المركزية.
ويشدّد العميد المتقاعد على أن أي تقسيم محتمل سيكون نتيجة اشتباك دموي يُرسم أولًا بالدم، ثم يُكرّس في السياسة. ويرى أن التحولات الدولية ساهمت في إضعاف اللاعبين التقليديين في الملف السوري، مثل روسيا المنهمكة في حرب أوكرانيا، وإيران التي عادت إلى حدودها بعد الضربات التي تلقاها حلفاؤها.
وحتى اللحظة، لا يبدو أن الولايات المتحدة قد حسمت خيارها النهائي بشأن مستقبل سوريا. فمواقفها تتأرجح بين الغموض والتبدّل تبعًا للإدارة الحاكمة، فيما يبقى الميدان السوري مفتوحًا على كل الاحتمالات.

وفي ظل هذه المعطيات، من اللقاءات الأميركية مع الرئيس السوري أحمد الشرع، إلى تخفيف بعض العقوبات عن سوريا، مرورًا بالضربات الإسرائيلية “المنسّقة”، يبدو أن خيوط اللعبة السورية تُحاك بعناية خارج حدودها، وتُرسم خريطة النفوذ من عواصم القرار لا من دمشق. فالمعركة لم تُحسم بعد، والميدان لا يزال مشتعلاً، وهوية سوريا المستقبل تبقى معلّقة بين قوتين متصارعتين: ضغوط الخارج.. وخيارات الداخل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى