سلايداتمقالات

هل تغفر أميركا للحزب الأصفر اعتداءاته عليها؟

كتب محمد سلام في هنا لبنان

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ولبنان توماس باراك لخّص مهمته في بيروت بثلاثة عناوين قالها تاركاً للمسؤولين المحليين مشقة الإتفاق على تفسيرها لفهم رؤية الرئيس دونالد ترامب وحلفائه الإقليميين لمستقبل لبنان ضمن معادلة الشرق الأوسط الجديد.

عناوين باراك الثلاثة هي:

-1- ” أنا لا أطلب نزع السلاح، بل ثمة قانون يقول إنّ هناك مؤسسة عسكرية واحدة، وعلى لبنان أن يقرر كيف سيطبق هذا القانون.”

-2- على الحكومة اللبنانية أن تقرر كيفية حصر السلاح، هذا ليس من مسؤولية الولايات المتحدة.”

-3- إنّ اتفاقية نزع سلاح الحزب هي مسألة داخلية للغاية. تذكّروا أنّ حزب الله بالنسبة لأميركا منظمة إرهابية أجنبية، وليس لدينا أي علاقة بذلك، ونحن لا نبحث مع حزب الله…”

عندما يحمّل باراك لبنان مسؤولية تطبيق قرار المؤسسة العسكرية الواحدة، فإنه لا يعفي أميركا من هذه المسؤولية فقط بل يطلب من لبنان أن يفاوض بإستقلالية عن حزب الله، لا أن ينتظر تسلّم رأي الحزب من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ليصوغ بياناً بموجبه، ولكن باسم لبنان.

وعندما يقول بوضوح إنه على “الحكومة اللبنانية” أن تقرر كيفية حصر السلاح، فإنه يسأل الترويكا الحاكمة لماذا لا يتم بحث موضوع سلاح حزب الله ضمن الحكومة اللبنانية التي يحصر الدستور اللبناني عملية أخذ القرار بها؟

أما تذكير اللبنانيين بأنّ الحزب الأصفر هو “بالنسبة لأميركا منظمة إرهابية أجنبية” فهو تحذير واضح، والبعض يقول تهديد، للبنان بأن أميركا ستشطبه من لائحة إهتماماتها ما يؤدي إلى عزلته عربياً ودولياً، من دون ذكر العقوبات التي يمكن أن تفرض عليه إذا لم ينزع سلاح الحزب ولم يحظر شركته المالية المعروفة بإسم “جمعية” القرض الحسن.

دبلوماسي عربي دولته مشاركة في اللجنة الخماسية المعنية بالشأن اللبناني يقول إنه “عندما تريد أميركا أن تهدد بلياقة دبلوماسية فإنها تعاتب.”

عندما يقول باراك “تذكروا” أن الحزب الأصفر هو بالنسبة لأميركا “منظمة إرهابية أجنبية” فإنه لا يعاتب فقط بل “يهدد من يتعمدون نسيان أو تجاهل حقيقة أن تحالف دولة مع إرهاب يعرض هذه الدولة للعقاب، فكيف إذا كان الإرهاب المعني قاتلاً وخاطفاً لأميركيين على أرض الدولة التي تحالفه”!!!

وكان إنتحاري من حزب الله قد فجر نفسه في مقر مشاة البحرية الأميركية العاملة ضمن قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات في بيروت في 23 تشرين الأول العام 1983 ما أسفر عن مقتل 241 جندياً أميركياً.

كما خطفت مجموعة تابعة للحزب طائرة تابعة للخطوط الجوية عبر العالم TWA من أثينا إلى مطار بيروت في 14 حزيران 1985 حيث قتلت المسافر الأميركي روبرت ستيثم الغواص في سلاح البحرية الأميركي وقد أحضره قائد المجموعة الخاطفة المدعو محمد علي حمادي إلى باب الطائرة حيث أطلق عليه رصاصة في جبهته ورمى جثته على أرض المدرج، وفق نص الإتهام الأميركي .

وبعد سنتين إعتقل الأمن الألماني حمادي في مطار فرانكفورت في 13 كانون الثاني العام 1987 وطلبت واشنطن إسترداده لكن ألمانيا حاكمته على أرضها وصدر في العام 1989 قرار إدانته بخطف طائرة وإحتجاز رهائن وقتل راكب وحكم عليه بالسجن المؤبد. وفي 15 كانون الأول العام 2005 أطلق سراحه وعاد إلى لبنان، ولم يعرف عنه شيء منذ ذلك الوقت.

وإتهمت أميركا عماد فايز مغنية من حزب الله بهندسة عملية الخطف، وإتهمته المخابرات السوفياتية بخطف 4 دبلوماسيين سوفيات في بيروت وقتل أحدهم في أيلول العام 1985 كما إتهم بالمشاركة في خطف 104 رهائن أجانب في لبنان بين عامي 1982 و1992 أثناء الحرب الأهلية غالبيتهم كانوا من الأميركيين والأوروبيين الغربيين ويمثلون 21 بلداً بينهم هنود والملحق الإعلامي في سفارة الكويت ببيروت المرحوم واجد دوماني الذي خطفه عماد مغنية في 10 تموز العام 1985 وأطلق سراحه بعد شهر.

إلتقيت أبو أحمد (الدوماني) آخر مرة في نقابة الصحافة وكنا أصدقاء، بعد الإجتماع إنتظرته على باب المصعد لننزل سوياً إلى الموقف، فاعتذر لأنه لا يتحمل “الأماكن المقفلة، لا المصعد ولا موقف السيارات تحت الأرض. نتيجة التعذيب الذي تعرض له أثناء خطفه.

إنتظرته في سيارتي على مدخل موقف السيارات وأوصلته إلى مقصده وقلت وداعاً لمن أحبه كل من عرفه.

أما عماد مغنية فقد اغتيل في 12 شباط العام 2008 بإنفجار لغم في مسند رأس مقعد سيارته التي كان يقودها في ضاحية كفرسوسة الدمشقية المشهورة بتشدد حراساتها كونها مجمّع لوحدات مخابرات نظام الأسد وحلفائه. تعددت الروايات حول المسؤول عن إغتياله، البعض إتهم ال سي آي إي والموساد والبعض اتهم المخابرات السوفياتية ثأراً من مغنية للدبلوماسي المتهم بقتله.

فمن هم الذين يتحملون مسؤولية الخطف والتفجير والإغتيال؟

إفادات الرهائن السابقين تتقاطع على أن جميع عمليات الاختطاف والإغتيال والتفجير قامت بها مجموعة واحدة من نحو 12 رجلًا من مختلف دوائر الحزب الأصفر، كان مغنية وإبراهيم عقيل من أبرزهم.

تم إغتيال إبراهيم عقيل في عملية إسرائيلية-أميركية مشتركة نفذتها طائرة حربية من طراز إف-35 بإطلاق صاروخين على شقة كان يجتمع فيها إلى مساعديه في حي الجاموس بضاحية بيروت الجنوبية في 20 أيلول العام 2024.

كان عقيل وفق ما ذكرته المخابرات الأميركية ضمن الخلية التي تبنت تفجير السفارة الأميركية في بيروت في 18 نيسان 1983 وأسفر عن مقتل 63 شخصًا بينهم 52 من موظفي السفارة الأميركيين واللبنانيين.

كما تتهمه أميركا بالمشاركة في الهجوم على ثكنة المارينز وإحتجاز رهائن أجانب في ثمانينات القرن الماضي.

وقد حددت أميركا مكافأة قدرها 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن عقيل.

وكان الحزب الأصفر قد وافق على إنهاء الأزمة في العام 1992 لقاء وعود بعدم نزع سلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية وأن فرنسا وأميركا لن تسعيا للانتقام منه.

الوعدان لم يتحققا، ويبقى قيد التكهن ما إذا كانت أميركا ستسعى للإدعاء على مسؤولين لبنانيين وأسديين كانوا قد ساعدوا الحزب في إعتداءاته.

العقاب هو أساس العدالة في الثقافة القانونية الأميركية التي لا تذكر (تطبيق) القانون، بل تتحدث عن “وكالات (فرض) القانون” law enforcement agencies.

القانون، في الثقافة الأميركية، لا يطبق بالتوافق، بل يفرض بقوته القانونية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى