
رسم كلام الموفد الأميركي توم باراك بعد مغادرة لبنان وما كتبه على منصة “إكس” أكثر من علامة استفهام حول استمرار الضغوط على لبنان دون إسرائيل، في حين التزم لبنان بكل ما نص عليه وقف إطلاق النار، وأبرز علامات الاستفهام هذه هي استعجال بعض الداخل في موضوع سحب السلاح وبعض “الدول الصديقة” التي تعرقل الحلول بهدف إرباك المشهد الداخلي.
ومن هذا المنطلق، لم تجد مصادر قريبة من حزب الله في ما قاله الموفد الأميركي توم باراك في تغريدته أمس أي جديد، ويشبه إلى حدٍّ ما ما قاله في لبنان، فهو قصد أن الموضوع عند اللبنانيين، فإما أن يلتحقوا بالركب أو يضيعوا “الفرصة”، بما يعني المزيد من ممارسة الضغوط، والتي تراها المصادر خارج القراءة الموضوعية للوضع اللبناني، وتشكل هذه الدعوة تهديداً مبطناً إلى لبنان.
وتسأل المصادر: ما المطلوب اليوم؟ لا سيما أن الرؤساء الثلاثة الذين التقاهم باراك أكدوا له أن لبنان التزم بما تعهد به في اتفاق وقف إطلاق النار، وأوقف إطلاق النار وسلّم السلاح جنوب الليطاني، والجيش ينتشر في تلك المنطقة، ورغم ذلك فإن الإسرائيلي يستمر في اعتداءاته واغتيالاته. ومن هذا المنطلق، فإن لقاءه مع الرئيس بري خفّف قليلاً من اندفاعته المطلبية ومحاولة تلطيف المناخ السلبي.
وتوضح في هذا الإطار أن الرئيس نبيه بري، عند لقائه باراك صباحاً، قدّم مطالعة دقيقة حول الوضع والتزامات لبنان التي نفّذها. وفي النهاية، المطلوب اليوم أن تقوم إسرائيل بخطوة لجهة وقف إطلاق النار، فكان جواب باراك أنه سيحاول جهده للحصول على وقف إطلاق نار من الجانب الإسرائيلي أو انسحاب، ولكن بعد خروجه مباشرة باشرت بعض الدول “الصديقة”، التي لم يعجبها هذا الموقف، وتصر على أخذ الوضع إلى “المشكل الداخلي”، وحصلت اتصالات دفعت باراك للتراجع عن إشاعة الجو الأقل توتراً.
وليلًا، جلس باراك، وفق المصادر، مع مستشار الرئيس بري علي حمدان، وتم خلال الجلسة تثبيت النتيجة التي وصل إليها الرئيس بري في لقائهما الصباحي.
وتتحدث المصادر عن مناخات لا تساعد لبنان بالطريقة الصحيحة، سواء المناخات الإقليمية أو الداخلية، وكأن هناك عدة أطراف تحاول افتعال مشكلة داخل البلد ويضعون السلاح كأولوية، مغفلين تمامًا آلة القتل الإسرائيلية اليومية بحق لبنانيين.
أما عن الهواجس والتهويل حول ما يمكن أن يحمله شهر أيلول كما تروّج بعض الجهات، لا تخفي المصادر أن مع عدو كهذا وإدارة أميركية منحازة وضغوط عربية منحازة لصالح إسرائيل، فإن التخوف مشروع، وليس فقط في أيلول بل كل يوم وشهر، فنحن – على حد تعبيرها – أمام عدو غادر ومتفلت، لا سيما أن رئيس وزراء العدو يبحث عن الحروب في كل مكان. إلا أن ذلك لا يبرر الحملة الكبيرة من التهويل، الذي يتبعه أحيانًا تصعيد ما، ولكن أيضًا ممكن أن يكون من أجل الوصول إلى نتائج ودفع الطرف الثاني من أجل تقديم تنازلات من دون الذهاب إلى التصعيد.
وإذ تبرر أن مثل هذه الأمور تحصل في السياسة، إلا أننا أمام منظومة على رأسها إسرائيل والولايات المتحدة، تصر على الضغط بطريقة تتجاوز منطق المصلحة اللبنانية وتقدير الموقف وكل التطورات التي حصلت، فهناك تطورات حصلت على مستوى إعادة إنتاج الدولة بمؤسساتها والانضباط العام، بما معناه أن هناك خطوة معينة إيجابية، وهناك التزام بعدم التصعيد وتحمل الضغوط، وعدم ترسيخ علامات استفهام على الإسراع في إدخال البلد في المجهول