
في خطوة وُصفت بأنها محورية على طريق ضبط فوضى سوق المكملات الغذائية في لبنان، وجّهت وزارة الصحة العامة كتابًا رسميًا إلى نقابة الصيادلة، حذّرت فيه من تداول بعض أصناف المكملات غير المرخّصة، مؤكدة أنّ هذه المنتجات تُصنّع أو تُدخل إلى الأسواق اللبنانية خلافًا للأصول القانونية.
الكتاب، الصادر بتاريخ 27 حزيران 2025 والموقّع من المدير العام لوزارة الصحة العامة بالإنابة الدكتور إلياس صقر، نبّه إلى أنّ عددًا من المنتجات التي تُباع تحت تصنيف “مكمّلات غذائية” – كالفيتامينات، المعادن، أغذية الرياضيين، الأعشاب الطبية، البروتينات، والمياه المعززة بالفيتامينات والمعادن – يجري استيرادها أو تصنيعها محليًا من دون الحصول على التراخيص اللازمة من الوزارة، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا لصحة المستهلكين وسلامتهم.
ودعت الوزارة، عبر كتابها، جميع مستودعات الأدوية والصيدليات إلى الالتزام بعدم تداول أو بيع هذه الأصناف، إلّا بعد التأكد من حيازتها ترخيصًا رسميًا صادرًا عن وزارة الصحة العامة.
نقيب الصيادلة: خطوة نوعية في الاتجاه الصحيح
وفي تعليق على هذا القرار، رأى نقيب الصيادلة في لبنان، الدكتور جو سلّوم، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أن هذه الخطوة “أساسية وجوهرية لضمان سلامة المكمّلات الغذائية”، معتبرًا أنها “تُسهم في حصر هذه المنتجات داخل الصيدليات المرخّصة، بما يحفظ صحة المريض اللبناني، ويحدّ من فوضى التداول في أماكن غير آمنة”.
ولفت سلّوم إلى أنّ السوق اللبناني عانى لسنوات من انتشار منتجات غير مرخّصة تُباع في أماكن عشوائية، من دون أي رقابة أو إشراف علمي، ما فتح الباب أمام التزوير والغشّ والتهريب.
وأضاف: “حان الوقت لضبط هذا القطاع، وإعادته إلى مساره الطبيعي ضمن القنوات الصيدلانية الشرعية، بما يتماشى مع القوانين اللبنانية والمعايير الصحية العالمية”.
أزمة تتفاقم منذ سنوات
تجدر الإشارة إلى أنّ أزمة المكمّلات غير المرخّصة في لبنان تعود لسنوات، وتفاقمت بشكل لافت في ظل الانهيار الاقتصادي وتفلّت الأسواق. فقد تحوّلت هذه المنتجات إلى تجارة مزدهرة تُعرض في النوادي الرياضية، مراكز التجميل، وأيضًا عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، من دون أي رقابة تُذكر.
وتُظهر تقارير سابقة صادرة عن وزارة الصحة ونقابة الصيادلة، أن عددًا من هذه المكملات يحتوي على مواد محظورة أو مجهولة المصدر، قد تُسبب أعراضًا صحية خطيرة أو تتفاعل بشكل سلبي مع أدوية يتناولها المرضى، لا سيما كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
نحو سياسة دوائية شاملة
في ظل هذه التطورات، يُرتقب أن تُشكّل خطوة وزارة الصحة بداية لمسار إصلاحي شامل في تنظيم سوق المكملات الغذائية، عبر تشديد الرقابة على المستوردين والموزّعين، وتكثيف حملات التوعية بشأن مخاطر استخدام منتجات غير مرخّصة.
ويختم مصدر في وزارة الصحة حديثه لـ”ليبانون ديبايت” قائلًا: “لن نتهاون بعد اليوم في حماية صحة الناس، والمطلوب تعاون الجميع – من نقابات وهيئات صحية وجهات رقابية – لوضع حدّ للفوضى التي تهدّد الصحة العامة”.