
كتب شربل البيسري في الجمهورية:
ستشهد جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب غداً طرح مشروع قانون إصلاح المصارف، بحسب ما هو متوقّع، بعد سلسلة من 12 جلسة للجان النيابية التي عدّلت فيه الكثير من البنود تبعاً للتجاذبات السياسية والمالية والردود على الردود في الصلاحيات بين جميع الأطراف.
لم يكن يتوقع كثيرون أن يُبصَر هذا القانون النور، عندما طُرِح لأول مرّة، ومرّة بمعوقات في الغرف السياسية والمصرفية والبرلمانية، أكثر ممّا يتخيّله أحد، إلى حدّ وصل الأمر إلى عقد جلسات للجنة المال والموازنة النيابية، تسثني نواباً يعتقد حاضروه أنّهم «بوجّعوا الراس»، متذرّعين بأنّه كان ذلك ضرورياً للإسراع بإقراره.
وأُضيف إلى لائحة المناقشين حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد «الساعي إلى حماية استقلالية المصرف المركزي وصلاحياته». وهنا يوضّح النائب مارك ضو في حديث لـ«الجمهورية»، أنّه «وُجِدَت صيغة لتشيكل الهيئة المكلّفة النظر بوضع كل مصرف والبتّ فيه، من غرفتَين بدلاً من أن تكون من هيئتَين».
ويشرح ضو أنّ «الملف إذا كان لإصلاح مصرف، فيُحال إلى الغرفة الأولى. أمّا إذا ملف شطب أو تصفية مصرف فيكون من صلاحية الغرفة الثانية. بالوضع الحالي الكل سيكون في الغرفة الثانية».
بمعنى آخر، يُعتبَر أنّ هناك خللاً في الانتظام العام لدور المصارف، لذلك «وضعنا قانون الإطار ليعالج ما يتطلّبه الأمر في كل الأزمنة وكل الظروف، فلن يقتصر على الأزمة الحالية»، بحسب ما أشار إليه النائب التغييري.
من جهة أخرى، وبعد احتدام نقاش الصلاحيات وهوية الأعضاء وصولاً إلى استقلاليتهم في القرار بعيداً من ضغوط لوبي المصارف، يُشدّد ضو على أنّ «النقاش الحقيقي ليس بالاستقلالية بل بالكفاءة، ويكون أعضاؤها على اطلاع تام بكل النقاط التفصيلية المالية والاقتصادية التي تؤثر في كل شيء».
ويُضيف ضو: «لذلك، وجود حاكم المصرف ونائب له وقاضٍ مختصّ بالشؤون المالية لأكثر من 10 سنوات وخبير اقتصادي مالي لأكثر من 10 سنوات، بالإضافة إلى مدير عام وزارة المال… نتكلّم عن أصحاب اختصاص في قرارات دقيقة جداً سيتخذونها، ومعظمهم سيحلف يميناً دستورياً، ولا توجد ضمانات أكثر من ذلك. علماً أنّ معظمهم لا يُعيَّن في مجلس الوزراء إنّما بتعيينات مختلفة، ممّا يعزّز من استقلالية قرار الهيئة، إذ إنّهم لم يأتوا بتسوية سياسية».
وهنا، يتّضح أنّ الورقة البحثية التي تقدّم بها حاكم المصرف، معترضاً بشكل أساسي على المادة الخامسة من القانون، لم تُبصر النور كما أرادها إنّما هناك تسوية عُقِدت بين جميع الأطراف.
وعن التعديلات التي أجرتها لجنة المال والموازنة على مشروع القانون الوارد من مجلس الوزراء، يذكر ضو «إزالة كل الاستثناءات الخاصة بالظرف الحالي من الجدول الملحق، وبقي الملحق بشكل غير مرتبط بالأزمة الحالية. كما حدثت نقاشات على تصويب العديد من البنود ودقة اللغة… فتوصّلنا إلى تعديل حوالى 90% من المواد إثر ملاحظات الحاكم والـIMF ومشروع الحكومة».
عن تصريح الموفد الأميركي توم برّاك بأنّ اللوبي المصرفي أثّر جداً في إعادة صياغة مشروع قانون الحكومة لحماية مصالح كبار المصرفيِّين المتسبِّبين بأزمة الودائع، يوضّح ضو: «بالتأكيد هناك لوبي مصرفي كبير وقوي في لجنة المال والموازنة، لكن أيضاً هناك نواباً إصلاحيِّين أيضاً. برأيي خضنا معارك على نقاط عدة، وحققنا نتائج لا بأس بها. المصارف لم تأخذ ما تريد، ونحن لم نأخذ ما نريد… لكنّ القانون أصبح أفضل ممّا ورد في صيغته الأولى».
ويرفض ضو وصفه بـ«القانون المفخّخ»، لأنّه قانون إطار «أمّا الصراع على مَن سيدفع وكم، فيأتي تالياً. هذا الإطار موضوع على معايير مصرفية عالمية لإعادة هيكلة المصارف، أي أنّنا أضفنا كل المعايير الحديثة على قانون 1967 لتجديده. بالتالي، لم يَعُد لدى أي مصرف حجة أنّه لا نعلم ماذا ستفعلون، هكذا نكون قد وضعنا له خارطة الطريق، وعليه تحضير نفسه لإعادة الرسملة أو التصفية أو الدمج… ويكتمل المشهد مع قانون الإنتظام المالي وسداد الودائع».
ويؤكّد ضو أنّ حاكم المصرف المركزي أراد نائبَين له في الهيئة، لكن خُفِّض الاقتراح إلى نائب واحد، بالإضافة إلى أنّه لا يُمكن استئناف قرارات الهيئة العليا للمصارف «بل يقتصر الاستئناف على استبدال الغرامات أو طلب تعويضات».