
كشف تقرير صادر عن مصرف لبنان حول وضعية الأوراق النقدية والمعدنية، أن عدد الأوراق النقدية المتلَفة بالليرة اللبنانية خلال عام واحد بلغ 96,730,000 ورقة، بقيمة إجمالية وصلت إلى 9,632,462,134,000 ليرة. في المقابل، سجّلت قيمة الأوراق المسحوبة من التداول — وهي تختلف عن المتلَفة — نحو 9,779,252,134,000 ليرة.
وفي تعليق على هذه المعطيات، أوضح الصحافي الاقتصادي خالد أبو شقرا، أن ما ورد في التقرير يُعدّ إجراءً دوريًا يقوم به مصرف لبنان، إذ يعمل بشكل منتظم على إتلاف الأوراق المهترئة نتيجة الاستهلاك، واستبدالها بأوراق جديدة من مختلف الفئات، والتي تتراوح حاليًا بين 5,000 و100,000 ليرة.
ورأى أبو شقرا أن قيمة الأوراق المتلَفة، التي تجاوزت 9.6 آلاف مليار ليرة — أي ما يُقارب نحو 107 ملايين و625 ألف دولار — لا تُعدّ رقمًا مفاجئًا، خصوصًا في ظل غياب إحصاءات دقيقة عن حجم الإتلاف في السنوات الماضية، معتبرًا أنها تبقى ضمن الإطار الطبيعي لعمليات الاستبدال النقدي”.
أما في ما يخصّ الأوراق المسحوبة من التداول، والتي قاربت قيمتها 9.8 آلاف مليار ليرة — أي ما يُعادل نحو 109 ملايين دولار — فأكد أبو شقرا أنها “تندرج ضمن السياسة النقدية التي يعتمدها مصرف لبنان، والهادفة إلى سحب الليرات من السوق مقابل ضخ الدولار، في محاولة للحدّ من ارتفاع الكتلة النقدية بالليرة، باعتبارها أحد العوامل الأساسية التي تؤثر على سعر صرف الدولار في السوق السوداء.”
وقال: “كلّما ارتفعت الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، زاد احتمال حصول مضاربات في سوق الصرف، لذلك يسعى مصرف لبنان إلى تقليص هذه الكتلة وضخ الدولار عند الحاجة، من أجل الحفاظ على نوع من الاستقرار النسبي في سعر الصرف، الذي بقي لفترة عند حدود 89,500 ليرة للدولار الواحد”.
وأشار إلى أن هذه الخطوات تندرج ضمن سياسة نقدية متشدّدة، خصوصًا في ظل ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة والودائع تحت الطلب في الآونة الأخيرة، والتي تُقدّر اليوم بأكثر من 80 ألف مليار ليرة، أي ما يعادل نحو 800 مليون دولار.
ولفت إلى أن هذه الأرقام تبقى متواضعة مقارنة باحتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية، التي تُقدّر بنحو 11.4 مليار دولار، أو مقارنة مع الكتلة النقدية مقابل موجودات الدولة، التي تحتفظ بحوالى 7.4 مليارات دولار في حساباتها لدى المصرف المركزي (معظمها بالليرة)، لكنها لا تستخدمها في الإنفاق الجاري أو الاستثماري.
وختم أبو شقرا مشيرًا إلى أن الدولة تعتمد في تمويل أي نفقات جديدة على إيرادات مستحدثة، من دون المساس بالأموال المجمّدة لدى مصرف لبنان، بهدف الحفاظ على الحدّ الأدنى من التوازن النقدي. واستشهد في هذا السياق بما حصل في ملف زيادة رواتب العسكريين، أو في محاولة فرض ضريبة على المحروقات — التي أبطلها لاحقًا مجلس شورى الدولة لعدم دستوريتها — كمؤشرات على هذه السياسة المالية، حيث تُفضّل الدولة الامتناع عن الإنفاق من أموالها المُكدّسة، وتعتمد بدلًا من ذلك على مصادر تمويل جديدة للحفاظ، ولو جزئيًا، على الاستقرار النقدي.