
كتبت غدة حلاوي في المدن:
لم تمضِ ساعات على خطاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، حتى انشغل “الثنائي” في استيضاح ما قيل وتبيان أبعاده، خصوصًا أن خطاب الرئيس أعقب كلمة لأمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، وسبق جلسة حكومية “مربكة” من المزمع أن تُخصص لإعلان موقف يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة، وتحديد مهلة زمنية لسحب سلاح حزب الله.
في خطابه، وجه عون رسائل متعددة إلى الداخل والخارج. خصّ حزب الله برسائل واضحة، ومهّد لجلسة الثلاثاء الحكومية، محاولًا امتصاص التشنج وتلقف المبادرة وتحمل مسؤوليتها، من دون أن يغفل الإشادة بالحكومة. وللخارج، قال عون إن مسألة السلاح يجب أن تُعالج داخليًا، ولحزب الله أكد أن السلاح يجب أن يكون بيد الجيش المكلف بحفظ الأمن، مع إصراره على مطالبة المجتمع الدولي بانسحاب إسرائيل ووقف عدوانها.
ذكر عون حزب الله بالاسم، وقد أنصت الحزب جيدًا لكل ما قاله الرئيس. تلقف الرسالة، وخرج من بين قيادييه من يقول إن في خطاب الرئيس عون نقاطًا نلتقي معه بشأنها، وأخرى تحتاج إلى نقاش مستفيض.
وبعيد انتهاء الخطاب، عُقد على عجل لقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد. تركز النقاش حول مضمون ما قاله الرئيس، والجلسة الحكومية المقررة الثلاثاء المقبل، والتي ستُخصَّص جزئيًا لمناقشة مسألة سلاح حزب الله وحصريته بالدولة، ومواقف وزراء المعارضة (السابقة) الذين يخططون لطرح الموضوع على التصويت داخل الجلسة. وتمحور النقاش بين طرفي الثنائي حول إمكانية حضور الجلسة من عدمه، وتنسيق الموقف قبلها وخلالها.
التنسيق قبل جلسة الحكومة
من عين التينة، توجه رعد إلى قصر بعبدا، حيث حظي باستقبال حافل وجلسة صريحة امتدت لأكثر من ساعة. الأجواء كانت إيجابية عمومًا، وتركز النقاش حول ما تضمنه خطاب الرئيس بمناسبة عيد الجيش، ودور الجيش وإمكاناته، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالسلاح التي تناولها عون وأمين عام حزب الله.
وكان من المفترض أن تتم زيارة رعد قبل أشهر، حين طلب عون مواصلة النقاش معه بشأن حصرية السلاح. لكن رعد انقطع عن التواصل حينها. وقد أثنى رعد خلال اللقاء على بعض النقاط، وطالب بالاستمرار في مناقشة نقاط أخرى، على قاعدة أن حزب الله لا بد أن يُقدم خطوة في موضوع السلاح، لأن لبنان لم يعد يملك ترف الوقت في ظل الضغوط الخارجية واستمرار العدوان الإسرائيلي. مصادر مطلعة جزمت أن موعد الزيارة كان محدداً قبل كلمة عون.
اتفق الجانبان على استمرار النقاش في لقاءات لاحقة، وأن يُعقد لقاء تنسيقي بين الرئاستين الأولى والثانية بشأن جلسة الحكومة. وعُلم أن الثنائي لم يتوصل إلى موقف موحد بشأن حضور الجلسة، وسط وجود آراء مختلفة.
مصادر الثنائي أكدت لـ”المدن”، أن الهدف من التواصل هو تنسيق الموقف تجاه جلسة الحكومة، وأن النقاش لا يزال في بدايته، مشددة على أن ما تم التأكيد عليه هو ضرورة تنسيق الموقف المشترك حيال الموضوع المطروح للنقاش في الحكومة، “في مرحلة بالغة الحساسية تقتضي التشاور للتوصل إلى موقف لبناني موحد“.
حزب الله، الذي لم يحسم موقفه النهائي من جلسة الحكومة، ثمّن بعض مواقف الرئيس عون، ورأى أن مواقف أخرى تحتاج إلى نقاش معمق، خصوصاً وأن الموفد الأميركي توم باراك لم ينقل إلى لبنان جوابًا واضحًا من إسرائيل بشأن طرح بري.
الحزب، الذي تكتم على تفاصيل لقاء رعد مع الرئيس، لا يزال على موقفه القائل إن موضوع السلاح يجب أن يُناقش ضمن الاستراتيجية الدفاعية، وإن تحديد جدول زمني خارج إطار الحوار مرفوض، مشددًا على ما قاله أمينه العام بأن نقاش السلاح لا بد أن يأتي بعد وقف العدوان الإسرائيلي وانسحابه، عندها فقط يمكن تحقيق النتائج المرجوة.
تفصلنا أيام قليلة عن جلسة الحكومة، يُنتظر أن تشهد مزيدًا من الاتصالات والمشاورات بين الثنائي من جهة، ورئاستي الجمهورية والحكومة من جهة أخرى. لا قرار نهائياً لدى الثنائي بالمقاطعة، ولا تأكيد الحضور، والمخرج سيكون بالاستناد إلى الموقف اللبناني الموحد من ورقة باراك.