
كتبت جوانا فرحات في المركزية:
القرار داخل حكومة نتنياهو اتخذ وإن ضمناً: احتلال قطاع غزة وإن كان حتى الآن يستند إلى تقارير إعلامية تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتجه إلى توسيع الهجوم على غزة واحتلال القطاع بأكمله!. وما سبق وتكلم عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن “ريفييرا غزة” بات أقرب إلى الواقع.
قد تكون هذه التسريبات والتصريحات جزءاً من “تكتيكات التفاوض” للضغط على حركة حماس التي ترفض الإفراج “عن المزيد من المحتجزين من دون إعلان الجيش الإسرائيلي الإستسلام الكامل “.وحكومة نتنياهو لن تستسلم. وبحسب الإعلام الإسرائيلي فإن أي تأخير أو السماح بمزيد من هامش الوقت سيؤدي إلى موت المحتجزين جوعاً وتبقى غزة تحت سيطرة حماس”.
يأتي هذا التصعيد بعدما أشيع عن أجواء إيجابية حول إمكانية وضع خطة شاملة لوقف الحرب في قطاع غزة وإعادة الرهائن والمجتجزين لدى حماس. إلا أن الكلام عن احتلال قطاع غزة أعاد خلط الأوراق. فهل تكون هذه التصريحات الصادمة أو التسريبات المفاجئة، إذا صح القول، مجرد تصعيد كلامي للتفاوض وإنهاء الحرب، أم أن نتنياهو يصر على أن تنتهي تلك الحرب تحت عنوان احتلال قطاع غزة؟
الكاتب السياسي خالد عز الدين يجزم أن مسألة الحسم باتت في حكم التنفيذ وإسرائيل تتجه نحو احتلال قطاع غزة. ويلفت إلى أن إمكانية التوصل إلى صفقة ما بين حكومة نتنياهو وحركة حماس باتت شبه مستحيلة، وهناك محادثات تجري وراء الكواليس بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو للخروج بصيغة أخرى تلزم حركة حماس القبول بالشروط الإسرائيلية لكن الأخيرة ترفض كل التنازلات”.
الكلام عن قرار باحتلال قطاع غزة يأتي بعد زيارة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى إسرائيل وقضائه حوالى 5 ساعات في قطاع غزة يحمل الكثير من التأويلات، حيث خرج ليقول بأن “لا توجد مجاعة في غزة” مما يعني أن ثمة تفاهم أميركي- إسرائيلي للذهاب نحو خطوة توسيع الحرب على القطاع أو احتلاله بالكامل. وفي هذا السياق يقول عز الدين ” فلسطين انتهت وهي مسألة وقت لكن القضية ستبقى في الوجدان تتوارثها الأجيال “. ويرجح أن يتم ترحيل الفلسطينيين إلى دول الجوار وتحديدا مصر التي سترضخ لقرار استقبال النازحين الفلسطينيين مقابل العفو عن ديونها الكبيرة وهناك أيضا كلام عن مفاوضات سرية تجري لترحيل الفلسطينيين إلى أفريقيا وتحديدا إلى ليبيا”.
“ما يجري حاليا هو نتاج المشاهد المروعة التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة حول الوضع الإنساني في قطاع غزة من تجويع الأطفال وحرمان عشرات الآلاف من المصابين من تلقي العلاجات بسبب انعدام الأدوية مما يؤدي إلى وفاة مئات الجرحى. وقد أدى هذا الأمر إلى خلق تباينات داخل الإدارة الأميركية حيث ارتفعت أصوات تندد بما سُمي بحرب الإبادة الجديدة في قطاع غزة، ناهيك عن اصوات عدد من النخبة الإسرائيلية التي طالبت بوقف المجزرة في حق “الغزاويين” . إلا أن هذه الأمور لم تترجم في مسار سياسي جديد يؤدي إلى وقف إطلاق النار أو إنشاء منطقة عازلة بمساحة 5 كلم داخل غزة إنما احتلال قطاع غزة. لكن هذه المشاهد لم تترجم سياسياً.
الخطوة دراماتيكية بامتياز ولها تداعيات خطيرة على المديين القريب والبعيد من الناحية الإستراتيجية والأمنية، لكن السؤال الأبرز هل يدعم ترامب خطوة احتلال غزة مع ما تحمله من تداعيات؟
مصادر متابعة تؤكد لـ”المركزية” أن النقاش التعبوي لا يجدي نفعا في هذه المرحلة المصيرية، وتلفت أن نتنياهو يحاول التلاعب بالرئيس الأميركي واستغفاله في مسألة انشغاله في حرب أوكرانيا والمواقف التصاعدية من روسيا. وهناك شعور أن نتنياهو يتلاعب بترامب حتى أن زيارة ويتكوف لم تكن موفقة من الناحية السياسية. لذلك، فإن مشروع الذهاب باتجاه احتلال غزة أشبه بالمغامرة. أضف إلى ذلك أن إسرائيل لا تمتلك خطة تنفيذية للقيام بهذه الخطوة فالجيش الإسرائيلي يعاني نقصا ليس فقط في القدرات البشرية إنما أيضا بالعتاد في الصواريخ التي استهلكها الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة ولبنان منذ بدء عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول 2023 حتى اليوم إضافة إلى التجهيزات المتعلقة بالدبابات. وهذا يشير إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تلجم إسرائيل عن تنفيذ خطة احتلال غزة إلا إذا كان الهدف إبادة الشعب الفلسطيني. هذه الحقيقة استدركها رئيس الأركان الإسرائيلي أيال زامير إذ عبر عن موقفه الرافض لاحتلال غزة فعاجله نتنياهو في رسالة علنية منحه فيها خيار الإستقالة مما يؤشر إلى وجود خلاف داخلي حول إدارة الحرب على غزة.
وتزامناً، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إجراءات لتخفيف العبء عن جنوده النظاميين تشمل إلغاء حالة الطوارئ الحربية المفعّلة منذ بدء عملية طوفان الأقصى والتي كانت تمدد الإحتياط الإلزامي لأربعة أشهر إضافية. كما أصدر زامير قرارا قضى بسحب فصيلة كاملة من كل كتيبة نظامية وإعادتهم إلى الإحتياط وهذه الخطوة من شأنها أن تقلص حجم القوات القتالية العاملة في العمليات البرية.وبحسب تقديرات الجيش، فإن أي اجتياح بري جديد سيستغرق شهورا من القتال المكثف مع مخاطر استنزاف إضافي للجنود واستغلال الفصائل الحدودية للمناورة.
وتختم المصادر”خلاصة الكلام يجب أن ندرك أن الوضع المحيط بإسرائيل والخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية يؤشر إلى وجود ضغوطات كبيرة وقد نشهد على تغيرات داخل الكنيست قبل موعد الإنتخابات في أيلول المقبل والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة تضغط في هذا الإتجاه”.