
كتب داني حداد في موقع Mtv:
سمع وفد حزب الله، في بعض لقاءاته، حرصاً على عدم الانزلاق الى حربٍ داخليّة. شدّد “الحزب” على أنّه ليس في هذا الوارد، ولكنّه، في الوقت عينه، تحدّث بلغة المنتصر الرافض لفكرة تسليم سلاحه. “لم ننهزم، ولسنا طائفة مكسورة” قال أحد نوّاب حزب الله، فسمع كلاماً واضحاً ومباشراً تكرّر مراراً: تتعاطون مع الأمور من دون واقعيّة.
عدم الواقعيّة هو استنتاجٌ خرج به عددٌ ممّن التقوا وفوداً من “الحزب”، ولذلك وجّه بعضهم نصائح من نوع: لا تتوقّفوا عن الحوار. لا تقطعوا خطوط التواصل. لا تستخدموا لغة التخوين، والأخيرة شملت من صُنّفوا طويلاً في خانة الحلفاء، لمجرّد تميّزهم في المواقف. الجيش الالكتروني لـ “الحزب” بات يهاجم الأصدقاء أكثر من سمير جعجع وسامي الجميّل!
وما يمكن لحزب الله استنتاجه من هذه اللقاءات هو أنّ مساحة القبول بمواقفه، وخصوصاً بتمسّكه بسلاحه، باتت ضيّقة جدّاً، كي لا نقول معدومة، خارج الطائفة الشيعيّة. والأهمّ هو الانزعاج الواضح الذي سمعه مسؤولو “الحزب” بسبب الهجوم المباشر وغير المباشر على المملكة العربيّة السعوديّة، سواء على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، أو قياديّين، أو وسائل إعلامه وفي طليعتها صحيفة “الأخبار” التي يُفترض أن تحاسَب على نشرها مقالات تتعرّض فيها لدولةٍ شقيقة.
والأسوأ هو أنّ التطاول على السعوديّة، والتهجّم على موفديها، يأتي تحديداً ممّن يطالبونها بالمساهمة بإعادة إعمار ما هدّمته الحرب العبثيّة التي زجّ حزب الله لبنان فيها، في وقتٍ تشهد العلاقة بين المملكة وإيران تطوّراً إيجابيّاً.
تستمرّ جولة حزب الله على شخصيّاتٍ لبنانيّة، من دون أن تحقّق مبتغاها. الحصار الداخلي يشتدّ عليه. نكاد لا نسمع صوتاً مسيحيّاً يدافع عن سلاحه. ما من شخصيّة سنيّةٍ التقت وفداً من “الحزب” إلا وجاهرت بحسن العلاقة مع السعوديّة، وقد باتت أولويّةً لديها، قبل “المقاومة” و”الممانعة” والمحور والصمود والتصدّي، وشعارات الماضي التي مضت مع من رحلوا الى المنفى أو الى العالم الآخر.
هل يعيد حزب الله حساباته؟ يخشى بعض الحريصين عليه أن يغرق أكثر. لغة الانتصار هي، أحياناً، أبرز علامات الهزيمة.