سلايدات

من مؤسّسة قتْلِ الموت إلى مؤسّسة قتْلِ الحياة

كتب جوزيف الهاشم في الجمهورية:

فإنْ كنتُ مقتولاً فكُنْ أنتَ قاتلي فبعضُ منايا القومِ أكرمُ مِنْ بعضِ.

إذا كان لا بدَّ من الموت قتلاً، فهل الموتُ على أيدي ذوي القربى يظلّ أكرمَ وأرحم من الموت على أيدي ذوي العداوة؟

 

بين ما هو موتٌ أو قتلٌ رحيم، لن أتورّط في السجال العقيم حول السلاح وتسليم السلاح وحصريةِ السلاح، لقد أصبح هذا الموضوع أشبهَ برواية من ألف ليلة وليلة لم تعُد تعرف معها مَن هو: السندباد البحري، ومَن هو علاء الدين، ومَن هو علي بابا.

 

ولنْ أعلّق على وضع خطّة لحصر السلاح والتي أقرَّها مجلس الوزراء في جلسة يوم الثلاثاء الماضي، وحسناً فعلَ مجلس الوزراء بأن أرجأ جلسته اللاحقة إلى يوم الخميس، لأنّ النبي أيضاً كان يرى «أنّ الله خلَق المكروه يوم الثلاثاء…».

 

وكان هناك مَن يعلّق الأمل على جلسة يوم الخميس لنتخطّى المكروه بعون الله هذه المرّة، على أساس أنّ الله لا يكون عوناً لكلِّ الوجود، فالأحوال تتغيّر والرجال يتغيّرون.

 

حين أنأى بنفسي عن التعليق فليس من حقّي أنْ أتجاهل ما قرأت… قرأتُ: «أنّ حصرية السلاح بيَد الدولة هي خطوة تشكّل استجابةً للضغوط الأميركية والسعودية في لبنان…» و«عون وسلام يقودان الإنقلاب على الطائف».

 

وقرأت عن وزير الخارجية الإيراني: «أنّ خطّة نزع سلاح حزب الله والتي أقرّتها الحكومة ستفشل…».

هذا كلامٌ لا يحتاج إلى تفسير ولا إلى تعليق، إنَّه معلَّقٌ على الآتي من الأيام في بلورة قرارٍ موحَّد حول قيام الدولة.

وكمثل ما قرأت، سمعت نائباً في حلقة تلفزيونية يقول: «على الجيش اللبناني قبل تسليم السلاح أن يُثبتَ لنا أنه قادرٌ على حمايتنا بأن يتولّى المواجهة العسكرية مع إسرائيل رداً على اعتداءاتها… وما همْ أن يسقط منه شهداء دفاعاً عن السيادة الوطنية…».

 

وهذا كلام نبيل جميل، عنفوانيّ سياديّ بامتياز، ولكنّه استشهادي أيضاً بامتياز، إذ عندما ينخرط الجيش اللبناني في حرب مع إسرائيل، هل يستطيع الجيش أنْ يردع إسرائيل عن قصف قيادة الجيش والقصر الجمهوري والمطار وسائر المرافق والمرافئ، على غرار ما حلّ في سوريا وقطاع غزة، فهل هذا الذي يريده سعادة النائب؟

 

وفي المقابل، لعلّ أرهب وأعجب ما قرأت «أنّ مؤسسة «غوغل الأميركية» للأبحاث أنشأت فرعاً لها باسم «الكاليكو – Calico» مهمّتُه قتل الموت، فيما هناك مؤسسات أميركية وغير أميركية أنشأت فروعاً لها مهمّتها قتل الحياة… قتل الحياة بالنار وقتل الحياة بالجوع، وقطاع غـزّة مثالٌ أقصى في ممارسة هذه الوحشية.

 

في مقياس الحروب، إنّ قصّةَ الرئيس الأميركي جورج واشنطن في حربهِ مع إنكلترا: حاربوا: إمّا أن تقتلونا وإمّا أنْ نقتلكم… هذه معادلة أقرب إلى الإنتحار بالنسبة إلى حربنا مع إسرائيل.

 

وأنْ نحارب أنفسنا بسلاح العدو، فهذه قصّة سلاح السمّ التي قيل إنّ معاوية تعلَّمها من اليهود في اغتيال الإمام الحسن.

 

وأن نجعل العدو يحاربنا بسلاحنا، هي قصتنا مع الفرس الذين احتلوا لبنان بقيادة «داريوس» ولم يتمكنوا من الوصول إلى المدن الفينيقية: ومنها صور وصيدا وجبيل إلّا بواسطة المراكب التي بناها لهم الفينيقيّون.

 

ولكن، حين تورّط القائد الفارسي بقتل المئات من أهالي صيدا، عمّت الثورة جميع أنحاء البلاد ضدّ الإمبراطورية الفارسية، وبالمراكب التي بناها لهم الفينيقيّون رحلوا عن لبنان بمثل ما بهِ جاؤوا.

 

التاريخ معلّمٌ للأمم… لقد آن لنا أن نتعلّم فلا نصنع المراكب للذين يحاربوننا بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى