سلايدات

استئناف المشاورات بشأن السلاح.. والجيش يطالب بتوافق سياسي

كتبت غادة حلاوي في المدن:  

لا تزال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة موضع أخذ ورد ومثار نقاش و…عتب. تسببت الجلستان الأولى وتلك التي سبقتها بتجميد التواصل على خط الرئاستين الأولى والثانية، بثنائي أمل وحزب الله. وإذا كان الثنائي أفقد الميثاقية للجلسة الأخيرة التي أُقرت فيها أهداف ورقة توم باراك الأميركية، فإن الجلسة ما قبل الأخيرة كانت هي الأهم والأخطر على حزب الله، لناحية ما أقرته من جهة الطلب من الجيش إعداد خطة لسحب السلاح مقرونة بجدول زمني.

فشل الثنائي في إفشال الجلسة الأولى بغياب الميثاقية، صعّب عليه خياراته ووضعيته في مواجهة الجيش اللبناني. باتت الخيارات ضيقة على العهد والحكومة كما على الثنائي، وطبعاً على الجيش اللبناني الذي سبق ورفض قائده السابق، رئيس الجمهورية اليوم، وضع الجيش في مواجهة الشعب. فماذا لو وقعت الواقعة عند محاولة سحب السلاح؟

في اجتماعات “غسل القلوب”، تم النقاش في أمر الجلستين والضغوط الدولية التي تحاصر لبنان. الأجواء لم تكن إيجابية بالمطلق، لكننا نتحدث هنا عن أطراف تجد من مصلحتها استمرار الحوار وترفض القطيعة، حتى ولو أن كلا الطرفين غير مقتنع بتبريرات الآخر.

كان المطلوب ترك مسافة فاصلة قبل معاودة الحوار. والمشكلة الأساسية في شعور فريق سياسي ممثل بالحكومة بالغبن وعدم الالتزام بالوعد الذي قطع له، بتأجيل البت بحصرية السلاح داخل الجلسة، خصوصًا وأن أحد وزراء الثنائي كان قد سمع كلامًا تطمينيًا بالتأجيل، نقله إلى مرجعيته السياسية خلال انعقاد الجلسة.

وتكشف مصادر الثنائي كيف أنه تبلّغ بتأجيل بند الجدول الزمني، ثم كان التبرير بأن جديدًا طرأ جعل رئيس الحكومة يصر على عرضه وإقراره خلال الجلسة، وفشلت محاولة إبلاغ عون لبري بالمستجدات.

من غرر بالثنائي؟

وخلال الجلسة، طُلب من وزراء الثنائي الانسحاب اعتراضًا، لكن مغادرتهم لم تفقد الجلسة الميثاقية مع وجود الوزير فادي مكي.

وفي الجلسة الثانية، كانت مشاركة الثنائي تهدف إلى تصويب مسار الجلسة الأولى والضغط باتجاه العودة عن مقرراتها، لكن إصرار سلام حال دون ذلك. فأُقرت الورقة التي كانت قد خضعت للتعديل الأميركي مرة جديدة، وبينما كانت تنص الورقة الأولى على انسحاب يسبق تسليم السلاح، جاءت الصيغة الثانية والثالثة لتتحدث عن أولوية تسليم السلاح ومن بعدها يتم البحث بالانسحاب. والأهم من ذلك أن تنفيذ الورقة يشترط موافقة إسرائيل وسوريا، وليس لبنان فقط، لتصبح موضع التنفيذ.

رب قائل إن اتصالات وردت إلى البعض خلال الجلسة منعت تأجيل البت بحصرية السلاح وتكليف الجيش. وهناك قناعة لدى مصادر وزارية أن الرئيسين لم يكونا في وارد التأجيل رغم الوعود التي قُطعت لوزراء الثنائي بهذا الصدد.

أُقرت البنود وصارت موضع تنفيذ، وسط تأكيدات للمعنيين بأن لا اتجاه نحو التراجع عما أُعلن، فماذا بعد؟ وكيف سيكون التعاطي بين الرئاسات الثلاث؟ وما سيكون موقف الوزراء من جلسات الحكومة المقبلة؟

محاولات الثنائي لم تتوقف لحث الحكومة على التراجع، وإذا كانت الاتصالات قد توقفت منذ الجلسة الأخيرة بين الرئاسة الأولى والثنائي، فإن الأبواب الموصدة قد فُتحت بالأمس، وسُجل تواصل على خط بعبدا- عين التينة وبعبدا- حارة حريك. أوضحت بعبدا ملابسات الجلستين الماضيتين وحجم الضغوط التي تُمارس على لبنان، وسجلت عدم ارتياحها  لتصريحات المسؤولين الإيرانيين التي زادت الوضع تعقيدًا. بالمقابل سجل الثنائي ملاحظاته على الجلستين مصراً على ضرورة البحث عن مخرج. وضع القرار العهد أمام مأزق، حيث لا يمكن اللعب مع المجتمع الدولي بقرارات تُلزم الحكومة ولا قدرة لها على تنفيذها.

لا انسحاب من الحكومة

حاليًا، لا يزال الثنائي في مرحلة تشاور ليبني على الشيء مقتضاه، والمواقف أيا تكن فستكون تحت سقف الاستقالة أو تحت سقف عدم ترك الساحة لهذه الحكومة للتمادي في اتخاذ قرارات خطيرة، حيث يُفترض بالحكومة أن تبحث الخطة التي كُلف الجيش بإعدادها والآلية لتنفيذها، والتي يُفترض أن تتضمن تقدير موقف حول المهمة الموكلة للجيش، والقدرة على تأديتها ضمن الجدول الزمني المحدد، والذي التزم بنص ورقة باراك.

الوضع محرج للغاية: العهد محرج، والحكومة محرجة، والجيش كذلك، كما الثنائي. فهل يمكن أن تصل الأمور حد التصادم بين الجيش و”الأهالي” في الجنوب الذين سيتعرضون حكمًا لمن يقترب من مخازن الأسلحة؟ ومن له مصلحة بالصدام بين الجيش و”الأهالي”؟ والأصعب: كيف سينفذ، وضمن أي إمكانيات؟

يشترط الجيش غطاءً سياسيًا جامعًا قبل أن يخطو خطوة ناقصة، كما يسأل عن الآلية التطبيقية. وبطبيعة الحال، فلن يكون بمقدوره وضع الخطة المطلوبة لملف بهذا الحجم في غضون فترة زمنية قصيرة كتلك التي حددتها الحكومة، كما أن التنفيذ لا يمكن أن يقتصر على مهلة قصيرة كتلك التي ألزمت الحكومة نفسها بها.

لكن يبقى الأهم أن إسرائيل رفضت -وفق ما قيل- تنفيذ البنود المتعلقة بها في الورقة، أي الانسحاب ووقف العدوان، فهل سيفرض على لبنان الالتزام بمفرده؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى