
أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم بدء المرحلة التمهيدية لاحتلال مدينة غزة وذلك بعمليات مكثفة في حي الزيتون وجباليا، بعد موافقة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على خطة “عربات جدعون الثانية” للسيطرة على المدينة مستدعيا عشرات آلاف الجنود، رغم جهود الوسطاء للتوصل إلى صفقة، مما لاقى انتقادات إسرائيلية.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه في الأيام المقبلة سيبدأ الجيش بدفع سكان غزة نحو جنوبي القطاع، بإطار بدء العمليات التمهيدية لاحتلال المدينة. لكن السؤال الأبرز في هذه المرحلة التي لا ينفك فيها الرئيس الاميركي دونالد ترامب من التحدث عن إحلال السلام في العالم ويُفاخر بأنه أنهى 6 حروب، أين أصبح موضوع اتفاقات ابراهام وحلّ الدولتين؟ وما الذي يختلف في غزة عن الدول التي سعى ترامب لفكّ النزاعات فيها ويسمح باجتياحها وهدمها وتهجير أهلها؟
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يقول لـ”المركزية”: “عندما يصرّح الرئيس ترامب ان أرض اسرائيل صغيرة ويجب ان تتسع، وعندما يقول ان الولايات المتحدة ستحوّل غزّة الى “ريفييرا” الشرق الاوسط، قد يكون البعض “أخذ هذا الكلام بالأذن الطرشاء”، لكن إذا عدنا الى عام 2020 عندما جيء بجاريد كوشنير صهر ترامب الى الخليج العربي وجال على الاردن ومصر وبدأ الكلام عن صفقة القرن، فقد عنى بذلك توسيع نطاق غزة والسماح لاسرائيل بأن تأخذ جزءا من الضفة الغربية والقسم المتبقي منها تصبح جزءا من الاردن، بينما تصبح غزة مع 700 كلم من سيناء محاذية لها تصبح منطقة مثل الامارات العربية المتحدة او الريفييرا، بحسب ما وعد ترامب”.
ويشير ملاعب الى ان “مخطط اسرائيل لا يواجَه باعتراض من واشنطن، بل بالعكس قد يكون بموافقة اميركية. اكثر من ذلك، عندما يُسأَل ترامب عن مصير غزة يجيب ان نتنياهو يعلم ما يفعل، وكأن هناك مخططًا ينفذه رئيس الوزراء الاسرائيلي بالاتفاق مع واشنطن بشكل واضح. وعندما وصل ترامب الى السلطة في كانون الثاني المنصرم للمرة الثانية كانت هناك أسلحة محظورة ومحتجزة عن اسرائيل، أفرج عنها، منها القنابل 2000 رطل والملفت تخصيص من الـ3 مليار دولار مبلغ 300 مليون دولار في شركة كاتربيلر (caterpillar) ثمن جرافات. هذه الجرافات لن يستخدمها نتنياهو في جبل الشيخ أو في جنوب لبنان أو في الضفة الغربية بل في غزة. واذا كان سعر الجرافة يبلغ مئة الف دولار، يكون لدى اسرائيل 3000 جرافة وبموافقة أميركية بهدف تسوية غزة بالارض، هذا واضح، ويجب ان نتصرف على هذا الاساس، رغم أنهم في كل مرة يكررون النغمة ذاتها عن القضاء على حركة “حماس” وإعادة الاسرى. قالوا ان الرهائن قد يكونون في رفح فاحتلوها ومسحوها بالارض، وكذلك الامر في خان يونس وجباليا والشمال”.
ويتابع: “هناك تجمع في غزة يضمّ نحو مليون غزاوي، بدأت اسرائيل بتوجيه إنذارات لهم، وتحديدًا حي الزيتون، وهو حي قديم ستبدأ بدخوله، ودائما ما يتمّ ذلك انطلاقًا من القوة الجوية التي تمهد الطريق بالتدمير وتلحقها المدفعية وكذلك الدبابات التي تدخل وتدمر كل شيء، ثم تأتي الجرافات وتمسح الارض”.
ويضيف ملاعب: “صحيح ان ترامب ينهي الحروب في الاماكن المنزعج منها، كأوكرانيا التي كلفت الشعب الاميركي مبالغ طائلة ويريد انهاؤها، كما أنه ختم بسرعة جرح فُتِح بين الهند وباكستان، وزار كوريا في الماضي، لكن غزة لا تعنيه. بل هذا فقط، إنما لا أحد يتصدّى لما يجري في غزة، ولذلك يقول ترامب ان نتنياهو يعلم ما يفعل”.
ويختم: “لفت نظري ايضا ان المحكمة الجنائية الدولية أعطت فرصة لاسرائيل كي تدافع عما نُسِب إليها في الدعوى الموجهة ضدها من جنوب افريقيا، بعد ان طلبت تل أبيب مهلة 16 شهرًا للتدقيق في صحة هذه المستندات المقدمة، وذلك بموافقة القضاة الـ17 في المحكمة. واليوم جددت اسرائيل المهلة 12 شهرا إضافيًا اي حتى العام 2027، ما سيسمح لها في هذا الوقت بإبادة الشعب الفلسطيني وتنفيذ جرائم الحرب في غزة”.