
كتبت جوانا فرحات في المركزية:
لبنان على مفترق طرق وسط عجقة الموفدين والزائرين للبحث في مسألة سحب سلاح حزب الله في ضوء ورقة المبعوث الأميركي توم باراك والقرار الذي اتخذته الحكومة بسحب السلاح غير الشرعي، وثمة عنوان واحد لا يزال حتى اليوم يتصدر المشهدية: العقدة والحل المؤجل.
فالأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي تعمّد أن يُطل في الأمس على اللبنانيين قبل ساعات من وصول المبعوث الأميركي توم باراك والسابقة مورغان أورتاغوس، كان واضحا في تهديداته ورفع سقف كلامه السياسي: “لا لتسليم سلاح حزب الله إلا بالحوار والإستراتيجية الدفاعية”ضاربا عرض الحائط سيناريو “خطوة، خطوة “، وهذا يتعارض مع ورقة برّاك ومطالب إسرائيل التي يصر رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو على سحب سلاح الحزب قبل انسحاب الجيش من النقاط الخمس.
أيضا تزامن سقف كلام نعيم قاسم العالي جداً مع عودة التوتر إلى العراق على خلفية رفض “الحشد الشعبي” تسليم سلاحه للشرعية العراقية على غرار رفض حزب الله تسليم سلاحه، مما يوحي وكأن المنطقة أمام كباش أميركي – إيراني جديد مسرحه الأول لبنان، ومن ثم العراق على ما يقول المحلل الجيوسياسي جورج أبو صعب.
و بخلفية متشائمة تستند إلى وقائع، يقول أبوصعب أن في حال وصلنا إلى نهاية شهر آب ولم تترجم الحكومة أقوالها وفق القرار المتعلق بسحب السلاح غير الشرعي، سيكون لبنان أمام استكمال قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 5و7 آب الجاري، وبالتالي تطبيق مبدأ “الخطوة مقابل خطوة” في ظل أجواء إسرائيلية إيجابية حول التزام تل أبيب بهذه الخطة. وعليه سنكون أمام واحد من هذين المشهدين: الأول ديبلوماسي بحيث يجدد مجلس الأمن لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان لسنة، ولكن بصورة نهائية، والفرنسي يدفع بهذا الاتجاه.أما المشهد الثاني فميداني بالتوازي مع بدء الدولة بتنفيذ الخطوات الأولى العملية لحصر السلاح، بحيث تقوم إسرائيل بالانسحاب من نقطة أو أكثر من النقاط التي تحتلها في جنوب لبنان فيما يُنشأ حزام أمني يرتدي شكل منطقة عازلة تمهّد لمشروع “ريفييرا ترامبي” في الشريط الحدودي الفاصل، ويكون منزوع السلاح وغير قابل لخوض أي عمليات عسكرية من أي نوع ومن أي طرف.
اما المشهد الأكثر سوداوية في حال عدم انتقال الدولة اللبنانية إلى تنفيذ قرارات حصرية السلاح، فأولى التداعيات بحسب أبو صعب ستكون عدم التجديد لقوات “اليونيفيل” مع وضع لبنان تحت الفصل السابع، وفرض حصار وعقوبات اقتصادية ومالية ضخمة، ينجم عنها اضطرابات داخلية وحرب خارجية، وسيكون شهر أيلول “مبلول” بالمصاعب والإشكالات.
وبالمباشر يقولها” الوضع خطير وخطير جداً، ويومي 28و29 آب الجاري سيكونان مفصليين في تاريخ الوطن والدولة. فإما أن يأخذ مجلس الوزراء القرار التاريخي ويتم إثر ذلك التمديد لقوات حفظ السلام في اليوم التالي، ويبدأ الاحتلال بالانسحاب لإنجاز الترسيم الحدودي وإنهاء حالة الحرب وصولاً إلى التطبيع، الأمر الذي لن يمرّ من دون قلاقل داخلية في لبنان، أو يذهب لبنان نحو الحرب المدمّرة، مع وضعه تحت الفصل السابع.
“لن يبقَ أمام الحزب سوى التكيّف لأيام محدودة من فرض العقوبات ورمي الفتن يميناً ويساراً، إمعاناً منه في اختلاق سيناريوهات يعتقد أنها قد تحدّ من قوة المطالبة بتسليم سلاحه. يقول ابو صعب، وآخر فصول السيناريوهات بدعة “اختطاف النساء والفتيات” من قبل سوريين للصق تلك التهمة بالنظام السوري الحالي، الأمر الذي نفته مديرية قوى الأمن الداخلي ببيان رسمي في اليومين الماضيين.
إذا أمام لبنان أيام مصيرية من تاريخه. فإما تثبيت الدولة سيادتها وحصر السلاح مقابل إلزام إسرائيل بالانسحاب والترسيم والتجديد لليونيفيل، وإما الكارثة.
وعن إمكانية وجود نية لدى الحزب باستغلال الوضع القائم والقيام بتحركات في الشارع تحت مسميات مختلفة كما كان مقررا غداً، بهدف هز العصا للحكومة أو إسقاطها، يقول أبو صعب أن هذا الأمر مستبعد، وإذا ما حاول فهو حتما فاقد لوعيه، لأن الحكومات اللبنانية لا تسقط في الشارع ما لم يكن هناك حدثٌ جلل وهذا غير وارد في هذه المرحلة، لكنه سيحاول بشتى الوسائل ان يضر الحكومة ويفتعل مشاكل امنية لكنها لن تصل إلى 7 أيار لأنها محكومة بالفشل مسبقا.
وفي وقت لم يعلن الحزب وحركة أمل عن إلغاء التظاهرة النقابية التي كان مقررا أن تتجمع عند نقطة تمثال رياض الصلح واكتفيا بالقول بأنها تأجلت، يتوقع مراقبون أن ينزل المتظاهرون مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء المقررة في 2 أيلول المقبل ويشارك فيها نواب حزب الله وحركة أمل.
وبحسب المعلومات فإنّ الجلسة لن تتأجل، وستعقد في موعدها، وقد يغيب عنها بعض الوزراء لوجودهم خارج لبنان، لكن الغالبية ستحضر، بما في ذلك وزراء حزب الله وحركة أمل، اللذان يعملان على أن يكون موقفهما مشتركاً وموحداً على طاولة مجلس الوزراء.. فهل يدوم شهر العسل إلى ما بعد البدء بتنفيذ قرار الحكومة ؟