
كتب داود رمال في الراي الكويتية:
التوجهات التي ستطبع النقاش الحكومي ترتبط بعدة عوامل أساسية. أولها أن إسرائيل لاتزال ترفض مبدأ «خطوة مقابل خطوة»، وهذا ما أوقف الورقة الأميركية عند شرطها الأكثر أهمية وهو نزع سلاح «حزب الله» قبل البحث في أي التزام إسرائيلي. هذا الشرط يضع الحكومة أمام معادلة دقيقة، إذ إن موافقتها المبدئية على الورقة لم تترجم بتقدم عملي نتيجة التعنت الإسرائيلي. وبالتالي، وبحسب مصدر سياسي بارز لـ«الأنباء»: «ستتركز مداولات الوزراء على كيفية التعامل مع خطة الجيش بما يسمح للبنان بتثبيت موقفه الدولي من جهة، من دون الانزلاق إلى مواجهة داخلية مع حزب الله من جهة ثانية».
العامل الثاني يتصل بجدول الأعمال ذاته، بحسب المصدر ايضا، اذ قال: «مناقشة خطة الجيش ليست مجرد بحث تقني في سحب السلاح، بل هي خطوة سياسية ـ أمنية ذات أبعاد استراتيجية. فالخطة الموضوعة تحدد جدولا زمنيا وآليات تطبيق تهدف إلى تكريس سلطة الدولة الكاملة على السلاح. هذا الطرح، حتى لو أدرج في إطار وطني شامل، لا يمكن فصله عن الصراع المفتوح بين منطق الدولة ومنطق المقاومة، وعن الضغوط الدولية التي تزداد على لبنان لإظهار جدية في الالتزام بالقرار 1701».
وفي هذا السياق، توقع المصدر «أن تحضر في الجلسة معادلة مزدوجة، من جهة رغبة رئيس الحكومة في إدارة النقاش بهدوء واحتواء أي تصعيد سياسي قد يفجر الانقسام داخل المجلس، ومن جهة أخرى، حرصت بعض القوى السياسية على تسجيل مواقف متقدمة تؤكد التمسك بحصرية السلاح كمدخل إلزامي لأي تفاوض خارجي. وبين هذين الحدين، ستبدو الجلسة كمساحة اختبار للتوازنات الداخلية أكثر مما هي خطوة عملية قابلة للتنفيذ السريع».
كما أن اللقاءات الجانبية، مثل زيارة نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزير التنمية الادارية فادي مكي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، تعكس بحسب المصدر، «محاولات لإعادة وصل ما انقطع بين مكونات السلطة التنفيذية والتشريعية، في محاولة لتأمين شبكة أمان سياسية تتيح انعقاد الجلسة بأقل قدر من التوتر. فالخوف من انفجار الخلاف حول الخطة العسكرية يوازي في أهميته الخوف من الانهيار الديبلوماسي أمام المجتمع الدولي في حال تراجع لبنان عن التزاماته».
إزاء هذه المعطيات، يمكن القول إن جلسة الجمعة ستدور في إطار التوازن بين الشكل والمضمون. فهي من حيث الشكل ستظهر حكومة متماسكة تناقش خطة استراتيجية للدولة، لكنها من حيث المضمون ستبقى محكومة باعتبارات التعطيل الإسرائيلي، وبسقف داخلي يمنع الذهاب بعيدا في أي مسار يهدد وحدة الحكومة أو يفتح مواجهة مع «حزب الله».
وبذلك، فإن التوجه الغالب هو إدارة الجلسة تحت عنوان التمسك بالقرار 1701 والورقة الأميركية كإطار تفاوضي، مع إبقاء النقاش في خانة التخطيط والجدولة الزمنية، من دون مغامرة في خطوات تنفيذية عاجلة. ما يجعل من الجلسة محطة سياسية لاختبار النيات والتوازنات، أكثر مما هي بداية لمسار فعلي نحو حصرية السلاح.