
تتّجه الأنظار مجددًا إلى الجنوب اللبناني في ظل تصعيد إسرائيلي لا يقتصر على العمليات الميدانية فحسب، بل يمتد إلى محاولات رسم خرائط جديدة لواقع أمني مختلف على طول الخط الأزرق. وفي موازاة هذا التصعيد، تتكثف التحركات الدبلوماسية، حيث تصل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت للمشاركة في اجتماع “الميكانيزم” في الناقورة، في مؤشر واضح على سعي واشنطن إلى لعب دور مباشر في بلورة ترتيبات أمنية جديدة تمسّ العمق الجغرافي اللبناني، وتعيد طرح تساؤلات كبرى حول مستقبل الجنوب ودور “حزب الله” وموقع الجيش اللبناني في هذه المعادلة المتغيرة.
وفي السياق، قالت “الشرق الأوسط”، تسعى إسرائيل إلى توسيع المنطقة العازلة التي رسمتها في محاذاة الخط الأزرق، وهي اليوم دون عمق الـ5 كيلومترات، لتصل إلى خط الليطاني. وسيكون جزء من هذه المنطقة خالياً من السكان، فيما القسم الآخر مأهولاً لكنه محكوم بخصائص أمنية تمنح لبنان قدرات محدودة، تماماً كما هو الوضع في الجنوب السوري.
بل إنّ بعض المحللين يعتقد أنّ إسرائيل قد تطالب بترتيبات تتجاوز الليطاني وتمتد حتى نهر الأولي وتشمل الأجزاء الجنوبية من البقاع، أي تلك المحاذية للمنطقة الأمنية التي ستنشأ في سوريا، وتكون محكومة بخصائص عسكرية وأمنية محددة. وعند تحقيق ذلك، يصبح الجنوب اللبناني أيضاً موزعاً على 3 مناطق أمنية.
والأرجح أنّ مورغان أورتاغوس ستعمل على تنفيذ هذا المخرج، لأنّه في منظور الأميركيين يحقق الغاية الإسرائيلية بتوفير الأمن وإبعاد “حزب الله”، كما أنّه يحقق غاية لبنان بانسحاب إسرائيل الكامل من النقاط التي لا تزال تتمركز فيها ووقف عملياتها تماماً.
ومن الواضح أنّ أورتاغوس سترتدي في جولتها الجديدة بزة العسكر وتواكب عمل “الميكانيزم” في الناقورة. وعن الجانب اللبناني ستتحدث كثيراً مع الجيش، ولكن لا مبرر للأحاديث مع السياسيين.
بدورها قالت “النهار” وفي يوم الأحد، تعقد لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف الخروقات الاسرائيلية بين لبنان وإسرائيل “الميكانيزم” اجتماعاً في الناقورة، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي تصل اليوم إلى بيروت خصيصاً من أجل المشاركة في هذا الاجتماع، ولن تعقد أي لقاءات سياسية أخرى في بيروت.
وتعكس مجمل هذه التحركات والمحطات أولوية الوضع الخطير بين لبنان وإسرائيل في وقت تتزايد فيه جوانب التوتر الداخلية الناتجة عن سخونة السجالات بين حزب الله والأفرقاء السياسيين، بفعل النمط الاستفزازي الذي يعتمده الحزب، مما ينذر بمزيد من الاحتدامات عشية إحياء ذكرى زعيم الحزب الراحل.