
كتبت نغم ربيع في المدن:
تحوّلت الفعالية التي أعلن “حزب الله” عن تنظيمها لإضاءة صخرة الروشة بصور أمينيه العامين، السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، تحت شعار “إنّا على العهد”، إلى قضية سياسية ـ أمنية استثنائية استدعت استنفاراً واسعاً وتدخّل مختلف الأجهزة والجهات المعنية. واستحضرت كل التوترات الكامنة في العاصمة، وباتت مدار أخذٍ ورد حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. ومع اقتراب موعد الفعالية، أصبح كل طرف يسعى إلى فرض “فوزه” في لعبة الإضاءة: الحزب، ومعه مناصروه، يصر على إبراز رمزيته العليا، فيما الخصوم يستعدّون لتحجيم الفكرة أو تحدّيها، محوّلين الحدث على الصخرة مواجهةً سياسيةً مفتوحة، تُظهر كل التباينات والتوترات المتراكمة في قلب بيروت.
حتى وقت متأخر من ليل أمس، كانت معلومات “المدن” تؤكد أن الحزب لم يحسم خياره النهائي بعد. فالدعوات إلى المشاركة لا تزال قائمة، غير أن الضغوط والتمنيات بالتراجع تنهال عليه من كل حدب وصوب.
لقاء الحجار والوفد
ما جرى أمس لم يُخفِّف التوتر بل رفع وتيرته. فخلف الأبواب المغلقة، جلس وفد من “حزب الله” مع وزير الداخلية أحمد الحجار. وبحسب ما علمت “المدن”، كان كلام الحزب واضحاً “نحن ماضون في الفعالية، وما يهمّنا هو التنسيق”. الحجار لم يعترض على المبدأ، بل شدّد بدوره على أنّ التنسيق ضروري، لكنّه سلّم الوفد مذكرة بشروط صارمة: التجمع مسموح، أما إنارة الصخرة بالصور فممنوعة، براً وبحراً وجواً.
توازياً، كان الخط الساخن مفتوحاً بين السراي وعين التينة. وجرى تواصل مباشر بين رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، انتهى إلى صيغة تفاهم مشابهة: إجازة النشاط بحدوده الشعبية، من دون المسّ بالصخرة ورمزيتها.
ساعات فاصلة عن الحسم
ساعات قليلة فقط تفصل العاصمة عن موعد الفعالية. برنامج يمتد نحو ساعة ونصف الساعة، تتخلله فقرات متعددة. لكن اللحظة الأبرز، بل الأكثر رمزية، كانت ستُختصر في مشهد واحد: إضاءة صخرة الروشة بصورتي السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين. غير أنّ الشرط الذي وُضع، بسحب هذه النقطة من البرنامج، جرّد الفعالية من مضمونها الأساسي. وهنا السؤال المعلّق: هل يقبل “حزب الله” بإقامة الاحتفال وقد نُزعت منه رمزيتُه الكبرى؟
تشير معلومات “المدن” إلى أنّ ضغوطاً سياسية مباشرة مورست على الحزب للتراجع عن خطوة الإضاءة، مع رسائل حاسمة وصلت إليه: “افعلوا ما شئتم، لكن من دون إضاءة”. وبالتوازي، جرت الاستعانة بشخصيات ووسطاء “يمونون” على الحزب، في محاولة لحلحلة الموقف وتفادي أي صدام، وذلك تحت سقف التعميم الذي أصدره رئيس الحكومة نواف سلام في شأن حماية الأملاك العامة والمعالم الأثرية ومنع استخدامها من دون ترخيص مسبق.
وفي المقابل، كان الحزب يجري اتصالاته الخاصة، متمسكاً ببرنامجه الذي يتضمن إضاءة صخرة الروشة بصورتي أمينيه العامين، حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، مع شعار “إنّا على العهد”. وحتى اللحظة، ما زال مصير الفعالية معلقاً بين احتمالات متقابلة: إمّا التراجع عن خطوة الإضاءة كلياً، وإما المضي بالفعالية ضمن صيغة منقوصة تترجم تفاهمات ومساومات سياسية، وإما حلحلة الوضع لإقامة الفعالية كاملة وفق البرنامج المعلن مسبقاً. الخيارات لم تُحسم بعد، وكل الاحتمالات قائمة، ما يجعل كل لحظة من الساعات المقبلة حاسمة في تحديد شكل الاحتفال ورمزيته