
كتبت مرلين وهبة في الجمهورية:
يُجمِع العارفون على أنّ الجدل القائم حول موضوع إضاءة صخرة الروشة بصورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، يُبعد إلى حدٍّ كبير الدولة واللبنانيِّين عن سلّم الأولويات! والتساؤلات عن الأبعاد كَثُرت! هل هو تكتيك للحزب لإبعاد الضوء عن المطالبة بنزع سلاحه ولو إلى حين؟! وهل الهدف الهروب من فرض التسليم في هذه الفترة المفصلية الإقليمية؟! وإذا كان الأمر مخطّطاً له فعلاً، فهل نجح الحزب في تحقيق الهدف، أم أنّ لقراره أسباباً أخرى، قد يكون من أبرزها إعادة فرض سيطرته في المشهد الداخلي السياسي، بعد فشل في فرضها عسكرياً وخارجياً نتيجة حروبه الاستباقية المتسرّعة!؟ أم أنّ الأمر أكبر بكثير من إضاءة صخرة؟
في السياق، يرى البعض أنّ الحزب لم ينجح في تحويل النظر عن موضوع نزع سلاحه، بل إنّ موضوع إضاءة صخرة الروشة، بغضّ النظر عن حيثياتها والإعتراض عليها، إن كان شعبياً أو من جانب الدولة، تجعل الحزب الذي دخل في 7 أيار إلى بيروت ودخل الشام ودخل «حرب الإسناد»، على رغم من النصائح الغربية والداخلية، وما كان لها من انعكاسات سلبية على لبنان؛ شعر اللبنانيِّون أنّه في لحظة انكفاء الحزب إلى الوراء، وجدوه الوقت المناسب للطلب منه تنفيذ القانون وعدم تجاوزه، وبالتالي إضاءة الصخرة ليست في حدّ ذاتها مهمّة، بل هي فرصة للدولة اللبنانية لتقول للحزب، إنّ القدرة التي كانت لديك في الأمس لم تَعُد لديك اليوم.
بحسب قراءة النائب فارس سعيد، يحاول الحزب استبدال معركته بمعركة أخرى، فيؤكّد لـ«الجمهورية» أنّه «لا يمكن لـ«حزب الله» بعد اليوم إعلان معارك كبيرة أو فرض معادلات إقليمية، لذلك يحاول استبدالها بمعارك صغيرة».
ورداً على الذين يقولون إنّ «الأمر سخيف ولا يستاهل»، يقرأ سعيد العكس، ويرى «أنّ الدولة بعد بيان رئيس الحكومة رسمت مساراً جديداً، وجاء بيانها مقدّمة ومؤشراً لقرارات مستقبلية، تمنع استعمال الأماكن العامة، وأنّ الحكومة ستسعى، برأيه، في المستقبل بعد هذا البيان، إلى التفتيش عن أماكن عامة ترفع شعارات وصوراً حزبية لإزالتها».
ويؤكّد سعيد أنّه «مهما اشتدّت الأمور وعظمت فإنّ المسار المرسوم يتقدّم إلى الأمام، ولن تُغيّره مشادات وإضاءات داخلية من هنا ومن هناك»، كاشفاً «أنّ المراحل الانتقالية دائماً ما تكون محفوفة بالمخاطر، ومن ضمنها العنف، إلا أنّه لا أحد قادراً بعد الآن على إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء والخرائط المرسومة».
أكبر من صخرة!
في المقلب الآخر، يرى البعض أنّ استنفار المئات من عناصر الجيش من أجل منع إضاءة صورة على صخرة هو خطوة متسرّعة وليست في محلّها، وكان من الممكن تجاهلها، وأن يمرّ الحدث مرور الكرام من دون بلبلة «إعلامية» وبعدها «حكومية»!
وعلى هذا المشهد، يُعلّق مؤيّدو الحزب بالتالي: «هل انتقال الجيش من الجبهة ومن الحدود إلى الروشة هو من الأولويات؟!»، فيما يعتبر معارضو الحزب أنّ اللَوم يقع على المُسبِّب الذي فرض على الجيش هذا الإنتقال، والمفروض على الحزب تجنّب الاستفزازات والمضي في مشروع الدولة.
في المقلب الخارجي
تكشف مصادر غربية مطلعة لـ«الجمهورية»، أنّ موضوع إضاءة صخرة الروشة لا يمكن توصيفه بالسخافة، لأنّ القرار أكبر بكثير من هذا التوصيف، لافتة إلى أنّ القرار ناتج من إشارات إيرانية بضرورة تصعيد الحزب في الداخل اللبناني، كاشفة وفق تقارير استخباراتية، أنّ الحزب أعاد ترميم منظوماته العسكرية والأمنية والسياسية التي هُشّمت، المجالس القيادية (الجهاد وغيرها)، أي أنّ الحزب عاد اليوم إلى حزب الدعوة الإسلامي الذي انطلق منه عام 1982، واتخذ قرار المواجهة، وستنصّب كافة قراراته مستقبلاً في إطار المواجهة.
ويُضيف المصدر، أنّ الخطر في الموضوع أنّ الحزب يواجه الداخل، في الوقت الذي يختار الداخل مصالحته، فيما الأجدى به مواجهة إسرائيل، لكنّه يعتقد أنّه يواجه رجال إسرائيل في الداخل، ويعتبر أنّ الذين يعارضونه في الرأي هم هؤلاء، أي رجال إسرائيل، لذلك كان إصراره على إضاءة الصخرة هو ترجمة لقرار المواجهة، فيما الدولة في المقابل مضطرّة إلى عدم كسر هيبتها، فإمّا أن تصمد وتربح، وإمّا يتنازل الحزب ويدرك أنّ المطلوب منه اليوم إثبات وقفته مع الدولة اللبنانية ليَقويا معاً.
في الخلاصة، يتخوّف اللبنانيّون من أنّه عوض أن تكون إضاءة صخرة الروشة محطة تكريم لنصرالله، بأن يصبح السيّد رمزاً لإنقسام البلد وتأجيج النزاع والخلاف الداخلي حول دور «حزب الله» وسلاحه! ولا تكون صخرة الروشة الكبيرة مقدّمة للإضاءة بل صخرة أكبر تقع على رؤوس الجميع!