
كتب داني حداد في موقع Mtv:
إذا أردنا الابتعاد تماماً عن أيّ موقفٍ مسبقٍ من حزب الله. وإذا أردنا أن نضع جانباً مطالبته بتسليم سلاحه، لا بدّ من قراءة منطقيّة موضوعيّة لمسألتَي الانتصار والتعافي.
هناك وقائع لا يمكن لأحد أن ينكرها:
قُضي على الغالبيّة الساحقة من قيادة حزب الله. خسارة السيّد حسن نصرالله وحدها كافية لتشكّل ضربةً لا تُعوّض.
تحتلّ إسرائيل مساحاتٍ شاسعة من الأراضي اللبنانيّة، وهذا ما حصل بعد الحرب وليس قبلها.
هناك أسرى لبنانيّون في يد الجيش الإسرائيلي، ولا قدرة لـ “الحزب” على استعادتهم أو حتى ممارسة أيّ ضغطٍ من أجل ذلك.
تحلّق طائرات الاستطلاع الإسرائيليّة فوق الأراضي اللبنانيّة يوميّاً، ويسمع جمهور حزب الله أصواتها في غرف نومهم ومحالهم ومكاتبهم ومصانعهم.
تمارس إسرائيل اعتداءاتٍ يوميّة على أشخاص منتمين الى “الحزب” أو مدنيّين، ولا يمرّ يوم من دون وقوع ضحايا أو تدمير منشآت.
ينفّذ الجيش اللبناني قرار الحكومة اللبنانيّة بتسلّم سلاح “الحزب”، في جنوب الليطاني كمرحلةٍ أولى، أي في المنطقة المحاذية لوجود الاحتلال الإسرائيلي التي ينطلق منها عادةً لتنفيذ مهامه.
بإمكاننا، بعد، أن نضيف وقائع كثيرة يعرفها الجميع تسقط فرضيّتَي الانتصار والتعافي. وتسقط، خصوصاً، كلّ ما يخرج من أفواه حزب الله وقياديّيه ونوّابه، كما المهرّجين الذين بات يستخدمهم للدفاع منه بدل المحلّلين وأصحاب المعلومات، وهذه، أيضاً، من عوامل الهزيمة.
كان بإمكاننا أن نتعاطى مع حزب الله بطريقةٍ أخرى. أن ندعو، مثلاً، الى مدّ اليد والاستيعاب والتعاطف. كان، بإمكاننا خصوصاً، أن ندعو إلى مسيرات تضامن تتّجه نحو الضاحية الجنوبيّة والجنوب والبقاع، تواسي من فقد عزيزاً أو بيتاً وكثيراً من الأحلام والذكريات. لكنّ “الحزب” وما يصدر عنه وعن بعض بيئته لم يسمح لنا بذلك. وهل نواسي المنتصر والمتعافي، بل الذي يخرج منه من يهدّدنا لمجرّد أنّنا قلنا له يوماً “بلاها هالحرب”؟ نعم “بلاها هالحرب”، فقد متّم وهُزمتم وهُجّرتم، وقد لا يعود بعضكم يوماً الى قريته المحتلّة التي لن يسمح الإسرائيلي بإعادة إعمارها، ولو انسحب.
هُزم حزب الله ولن يتعافى، عسكريّاً، يوماً. هُزم حين اختار تحدّي الدولة بإضاءة صخرة، والاحتفال بذلك فرحاً في أكثر ذكرى أليمة في تاريخه. وهُزم حين تحوّل عدوّه ممّن هو على رأس أميركا وإسرائيل الى المسكين نواف سلام الذي سيمرّ على رأس الحكومة اللبنانيّة لعامٍ ونصف العام. وهُزم حين يخرج اعترافٌ من أمينه العام بأنّ “الحزب” لا يردّ على الإسرائيلي كي لا يزداد الأخير توحّشاً.
ما سبق كلّه قد يراه العاقل منطقيّاً، مهما كان توجّهه السياسي. فكيف نقنع المهرّجين الذين يخرج من بينهم بعد من يهدّد إسرائيل بقرب الزوال؟
لعلّ أسوأ أنواع الخديعة والكذب، هو أن تخدع نفسك وتكذب على نفسك. الأسوأ، بعد، أن تصدّق…