
مع تصاعد وتيرة الاحداث والتطورات في المنطقة بعد طرقها باب الخليج من خلال استهداف قطر ، تتبلور مرحلة جديدة عنوانها المقترح الأميركي لوقف الحرب على غزة، استبقتها إسرائيل بفرض وقائع ميدانية سريعة عن طريق الحسم العسكري وإقامة مناطق عازلة ،وان تحت عناوين اقتصادية تشكل دروعا واقية على حدودها لعشرات السنين . لذا هاجسها اليوم انتاج حلول امنية توفر لها الامن والأمان لا تسويات سياسية غير مطمئنة اليها . ما يعني ان السلام في الشرق الأوسط سيبقى مجرد كلام حتى اشعار اخر كونه يفرض عليها تقديم تنازلات محرجة ابرزها الاعتراف بدولة فلسطين ذات وجود جغرافي فعلي لا مجرد عنوان وهمي على الورق . وهي ليست مستعدة لمواجهة الموقف العربي ولا سيما موقف المملكة العربية السعودية المتمسك بحل الدولتين شرطاً للسلام . هذه الاستراتيجية الأمنية المكثفة التي تريد تل ابيب تنفيذها خلال الأشهر المقبلة تبدو خطوة نحو إعادة رسم جذري لخارطة المنطقة تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد المشار اليه أيضا في مقترح ترامب . إسرائيل تتجه للقيام لاحقا بمناورات تؤدي الى ضم هذه المناطق كما حدث مع الجولان . ما هو اليوم مناطق عازلة امنية قد يتعرض لاحقا للضم والضياع . والمثير ان لا استراتيجية مقابلة يعتمدها لبنان وسوريا والفلسطينيون، على العكس هناك تخبط وانقسامات ومخاطر تقسيم وحروب اهلية في كل الأمكنة العربية .
النائب الياس جرادي يشبّه عبر “المركزية” مقترح ترامب المرفق بالوعيد والتهديد لأهل غزة وحماس تحديدا ب “هولاكو في بغداد”. عنوانهما واحد الإبادة والمجازر . ويقول: في أي حال نحن بكل الم وغصة لن نرفض ما يرضى به الغزايون . لكن والحق يقال ان هذا الحل او المبادرة الأميركية هي لضمان الامن والاستقرار لإسرائيل كونها تتطلع الى تجريد حماس من سلاحها وإخراج قادتها من القطاع .علماً ان ما يجري يقطع الطريق على قيام دولة فلسطينية الامر الذي يرفضه صراحة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، ومن خلفه اميركا ورئيسها . في رأيي ما يبنى على باطل لن يدوم ابدا. بالأمس كانت ثورة الحجارة. اليوم حماس وغدا سيأتي من يرفع الشعلة من جديد ما دامت الحقوق مهدورة . الانتفاضة الدولية التي تجلت أخيرا بالاعتراف بدولة فلسطينية لا بد ان تستكمل لاحقاً . التظاهرات المؤيدة لوقف حرب الإبادة في غزة عمت عواصم العالم . حتى الرئيس دونالد ترامب يتخذ من خلال مقترحه ممرا للحصول على جائزة نوبل الإنسانية للسلام . مشهدية هذه المتاجرة بالدم الفلسطيني تجري تحت مسمى التفاوض التهديدي . القبول او إبادة ما تبقى حيا .
ويختم : حتى غزة ومساحتها لا تتعدى الكيلومترات يريد نتنياهو القضم منها متذرعا بالامن والمنطقة العازلة، فكيف الحال بالنسبة الى سوريا ولبنان حيث يحتل ويتوسع دون رادع او وازع لاقامة إسرائيل الكبرى .