سلايدات

الشيباني في بيروت برسائل واضحة: موقوفون ومطلوبون وترسيم

كتب منير الربيع في المدن:

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في زيارته الأولى إلى بيروت يوم الجمعة. هي الزيارة المؤجلة والتي تأخرت كثيراً. سبقتها زيارات لوفود من وزارة الخارجية والعدل السوريتين للبحث في كيفية تحسين وتطوير العلاقات بين البلدين. يبقى العنوان الأبرز بالنسبة إلى دمشق للدخول في مسار تطوير العلاقات هو إنهاء ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية. كان الشيباني يفضل إجراء الزيارة بعد حل ملف الموقوفين وإطلاق سراحهم، ولكن بعد البحث المستمر بين اللجان، أيقنت دمشق أن المسألة تحتاج إلى وقت أطول مما كانت تتوقع، خصوصاً أن سوريا كانت تريد من لبنان فتح أبواب السجون وإخراج كل الموقوفين السوريين، وهو ما تحفظ عليه لبنان إذ عمل على تقسيم الموقوفين إلى ثلاثة أقسام، قسم الموقوفين المحكومين بجنايات من بينها القيام بأعمال أمنية على الأراضي اللبنانية أو قتال الجيش، والموقوفين بجنح، والموقوفين من دون محاكمة.

 

دمشق لم تكن راضية

عرض لبنان على سوريا، أن يطلق سراح المحكومين بجنح، وتسريع محاكمات السوريين غير المحكومين، والبت في ملفات المحكومين بجنايات شرط أن لا يكونوا قد تورطوا في مواجهة الجيش اللبناني. لم تكن دمشق راضية عن هذا المسار، وهي تعتبر أن ملف الموقوفين لا يجوز أن يكون للمساومة والتفاوض، بل على لبنان إطلاق سراحهم، وخصوصاً الموقوفين لأسباب سياسية ولانتمائهم إلى الثورة السورية، والذين تم إيقافهم بسبب انتمائهم إلى الجيش الحر أو جبهة النصرة. فاليوم، تغيرت كل الوقائع، والنظام السابق سقط. وهؤلاء كان يجب إطلاق سراحهم فوراً. يؤكد مصدر سوري أن هناك فرصة حقيقية لاستعادة العلاقات اللبنانية- السورية من خلال تجاوز كل الترسبات السابقة واقتناع البلدين بوجود فرص كثيرة يمكن الاستفادة منها.

موضع مقايضة؟ 

في الاجتماع الأخير للجنتين اللبنانية والسورية، أبلغ الوفد اللبناني المسؤولين السوريين بأنه يجب وضع آلية قضائية لتبرير إطلاق سراح الموقوفين السوريين، ومن بينها توقيع اتفاقية قضائية مشتركة تسمح بنقل الموقوفين لمحاكمتهم في دمشق أو استكمال محكومياتهم في سوريا. وجرى الاتفاق على العمل على إعداد لوائح بكل أسماء الموقوفين ووضع جدولة لآلية تسليمهم بعد توقيع الاتفاقية القضائية المشتركة. في المقابل، فإن لبنان طالب سوريا أيضاً بتسليم ملفات ومعلومات وأشخاص متهمين بجرائم ارتكبت في لبنان، من بينها المسؤولون عن اغتيال الرئيس بشير الجميل ولا سيما حبيب الشرتوني، أو أي معلومات عن تورط النظام السابق بعمليات أمنية في لبنان. وقد وعد السوريون اللبنانيين بأن يعملوا على توفير هذه المعلومات إن توافرت لديهم، لكنهم يؤكدون أنهم لا يمتلكون الداتا التي كانت بحوزة النظام السابق، فهي إما أحرقت وإما نقلت إلى روسيا. ويقول مسؤول سوري إنه عندما توافرت معلومات عن مكان المتهم باغتيال كمال جنبلاط ابراهيم الحويجي تم إلقاء القبض عليه. وفي حال توافر أي معلومات عن شخصيات أخرى، فإن دمشق ستقوم بما يلزم. ولكن المسؤول السوري يبدي عتبه على لبنان بأنه يحاول أن يضع ملف الموقوفين السوريين موضع مقايضة.

 

الترسيم له حصته

ليس ملف الموقوفين هو الملف الوحيد العالق بين البلدين، بل هناك ملف ترسيم الحدود وضبطها. وعلى الرغم من متابعة العمل على المستوى العسكري ضمن غرفة العمليات المشتركة بين الجانبين، فالأمر لا يزال في حاجة إلى قوة دفع سياسي، وهو ما تسعى إلى ترتيبه المملكة العربية السعودية التي تبدو مهتمة جداً في مسار تطوير العلاقات وتحسينها بين البلدين، وهي دفعت في سبيل قيام الشيباني بزيارته لبيروت من أجل المساهمة في وضع إطار عملاني لتطوير العلاقات ومعالجة ملف الموقوفين والانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون. وإلى جانب ملف ترسيم الحدود، فإن دمشق تطالب لبنان بأن ينسحب الجيش اللبناني من عدد من النقاط التي تعتبرها سوريا تابعة لأراضيها، أو أن الجيش اللبناني قد دخل إليها وأنشأ مراكز عسكرية فيها بعد أحداث عرسال في العام 2014، ويطالب المسؤولون السوريون بأن يعود الجيش إلى مواقعه التي كانت قبل العام 2011، فيما الجانب اللبناني يعتبر أنه موجود داخل الأراضي اللبنانية وأن هذه الملفات سيكون حلها من ضمن مسار ترسيم الحدود بشكل كامل.

لبنان والمحسوبون على النظام  

تفضل دمشق، عدم الدخول في خلافات مع لبنان حول هذه الملفات العسكرية والأمنية، وأن لا يتم وضع ملف الموقوفين كمادة للمقايضة أو لتحصيل المكاسب. وإذا كان لبنان يطالب بتسليم أشخاص محسوبين على النظام السابق ومتهمين بجرائم قتل في لبنان، فإن ذلك قد يدفع دمشق إلى المطالبة بتسليم أشخاص تورطوا في سوريا وبينهم ضباط محسوبون على النظام السابق هربوا إلى بيروت بعد سقوط نظام الأسد. كذلك، فإن دمشق، بحسب المعلومات، سجّلت دخول عناصر وضباط من الفرقة الرابعة إلى لبنان وأدخلوا معهم عدداً من الدبابات وتريد سوريا استعادة هذا العتاد العسكري كله.

 

محطة تأسيسية لمسار جديد

زيارة الشيباني لبيروت هي محطة تأسيسية لمسار جديد من العلاقة بين البلدين. ويبقى المدخل إليها هو معالجة ملف الموقوفين السوريين وإطلاق سراحهم، ليفتح بعدها باب التعاون في مجالات مختلفة من خلال رفع التمثيل الديبلوماسي بين البلدين، والعمل على فتح الحدود والدخول على الهوية للبنانيين إلى سوريا وللسوريين إلى لبنان لأنه لم يعد هناك من حالات لجوء، إضافة إلى البحث في المشاريع الاقتصادية المشتركة والتي يستفيد منها لبنان خصوصاً خطوط التجارة والترانزيت والنفط والغاز.

 

ورشة لقاءات مقبلة

في المقابل، فإن عمل اللجان المشتركة بين البلدين سيتواصل، فيما يتم التحضير للقاء على هامش منتدى الأعمال الروسي العربي والذي سيشارك فيه الرئيس السوري أحمد الشرع، ونائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري. وبحسب المعلومات، سيعقد لقاء بين الرجلين لاستكمال البحث في سبل تطوير العلاقات. كما أن لبنان ينتظر زيارة جديدة للوفد السوري في الفترة المقبلة، على أن ينضم إليه مسؤولون عسكريون أو من المخابرات السورية للبحث في ملف الحدود والملفات العالقة الأخرى. وحينذاك سيجري الوفد زيارة لسجن رومية بهدف تفقد أوضاع السجناء. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى