
كتبت جوانا فرحات في المركزية:
في غزة الزغاريد فرحاً بانتهاء مأساة شعب بعد عامين من الحرب والقتل والجوع والدمار لا تزال تصدح. لكن حتى صداها لم يصل بعد إلى لبنان ولن تقرع طبول السلام الآتي على المنطقة .
الكلام اليوم ماذا بعد انتهاء الحرب في غزة؟ وهل يكون لبنان الهدف التالي في مرمى إسرائيل بسبب مكابرة حزب الله وإيران؟
نافور الحرب يعطله كلام عن تأجيل موعد الضربة الإسرائيلية الحتمية على لبنان إلى ما بعد زيارة البابا لاون الرابع عشر المقررة في 30 تشرين الثاني. ومعلوم أن دوائر الفاتيكان لا تعلن عن موعد زيارة أي من البابوات إلا بعد التأكد من خلال اتصالات تجريها عبر قنوات ديبلوماسية أن قداسته سيدخل الى أرض يعمها السلام ولا خشية من أية اهتزازات أمنية فيها. والدليل على ذلك تأجيل زيارة البابا الراحل فرنسيس أكثر من مرة إلى لبنان. ورحل البابا فرنسيس ولم يزر لبنان. فهل يمكن الركون إلى التحليلات التي تتكلم عن تأجيل الزيارة للأسباب الواردة أم أن فرضية الضربة الإسرائيلية ستسبق زيارة البابا لترسيخ معادلة السلام؟
تجمع التحليلات السياسية أن السلام في غزة بعد الإتفاق الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا ينسحب على لبنان، وتلتقي في معظمها على أن إسرائيل ستركز في المرحلة المقبلة على لبنان في ظل الكلام عن إعادة استجماع حزب الله قوته العسكرية والتراخي اللبناني الرسمي في عملية الإلتزام بقرار جمع السلاح.
وبغض النظر عن توقيت موعد الضربة الإسرائيلية يعتبر الكاتب والمحلل الجيوسياسي جورج أبو صعب أن” لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة ستعلنان عن موعد الضربة العسكرية على لبنان. لكن بحسب المعطيات المثبتة على أرض الواقع، هناك استنفار للقواعد الأميركية في المنطقة وحشد للمدمرات الضخمة الأميركية في قاعدة دييغو غارسيا باتجاه الشرق الأوسط، بالتوازي مع استنفار عسكري أميركي كبير. وهذا ينذر بضربة حتميّة على إيران” .
ويتابع أبو صعب” غزة دخلت السلام ومشت على الطريق المستقيم وبالتالي لم تعد هناك عقبة أمام السلام الزاحف على المنطقة إلا إيران وحزب الله، وهذا يؤكد أن هناك ضربة مزدوجة ستوجه إلى كل من إيران وحزب الله في الوقت نفسه أو بفارق زمني ضئيل لإنهاء الملف النووي الإيراني ولي ذراعها، وإنهاء سلاح حزب الله شمالي الليطاني. وما يعزز ذلك التقرير الصادر عن الجيش اللبناني في مسألة جمع السلاح في جنوب الليطاني، والتناقضات الفاضحة التي ظهرت بين مواقف الجيش ومواقف حزب الله . بالتالي فإن زيارة البابا لوان الرابع عشر لن تتم في ظل الوضع الحالي إنما بعد إنهاء موضوع سلاح حزب الله ، وهذا يعني أن المرعد سيسبق تاريخ الزيارة سيما وأن كل المعلومات تلتقي على أن حزب الله استعاد تجميع قواه وكوادره القتالية كما تم تجهيز وتدريب فرقة بديلة عن فرقة الرضوان ولديها الجهوزية الكاملة على الصعيد الميداني. لكن يبقى السؤال من أين سيأتي حزب الله بالسلاح؟ فقدراته العسكرية الحالية لا تكفي لفتح جبهة ومواجهة إسرائيل والسلاح الثقيل يتم ضبطه في سوريا قبل الوصول إلى لبنان”.
السؤال البديهي الذي يطرح، هل يكون السيناريو المقررضرب إيران وإسقاط النظام فيها مقدمة لتسليم حزب الله سلاحه كما حصل مع حركة حماس؟
” ما حصل مع حماس هو نتيجة خروج إيران من المعادلة وإلا كان سيضطر ترامب إلى توجيه ضربة ثانية وقاضية على إيران قبل ذلك. لكن التطورات التي حصلت في غزة أفقدت إيران نهائيا الورقة الفلسطينية التي كانت تمتلكها وبالتالي لم يعد بإمكانها أن تلعب أي دور في موضوع غزة” .
ويوضح ابو صعب” في لبنان الوضع يختلف. إيران لم تعد تمتلك إلا ورقة حزب الله في المنطقة ولم يعد بمقدورها أن تتكل على الحوثيين والحشد الشعبي في العراق وسوريا الأسد انتهت. ولو اقتنعت إيران بانتهاء دورها لكانت طلبت من حزب الله تسليم سلاحه لكن حتى الآن إيران تكابر وستظل تكابر حتى تلقيها الضربة الثانية التي ستكون المعركة الكبرى التي ستشعل المنطقة من لبنان وصولا إلى إيران وبنتيجتها سيعم السلام والاستقرار في المنطقة”.
هل إن إلغاء زيارة مورغان أورتاغوس إلى لبنان تأتي على خلفية فقدان الإدارة الأميركية الثقة بالجهود التي تقوم بها الدولة والجيش اللبناني في مسألة جمع سلاح حزب الله؟ ” وفق المعطيات الأخيرة المتوافرة من واشنطن هناك انقسام داخل الإدارة الأميركية بين تيار داعم للجيش اللبناني وتجهيزه ويدعو إلى إعطاء فرصة للدولة اللبنانية باستكمال عملية حصر السلاح وبسط السيادة، وآخر متشدد ويعتبر أن الدولة اللبنانية تقف مكتوفة اليدين وأن الحزب لا يزال يسيطرعلى مقومات الدولة لكن كلمة الحسم تعود للرئيس الأميركي دونالد ترامب .والأخير كان مستعجلا للحصول على جائزة نوبل التي ذهبت للمعارضة الفنزويلية وإنهاء ملف غزة وقد نجح بذلك، بدليل أنه فعل ذلك قبل ساعات قليلة من الإعلان عن جائزة نوبل للسلام التي كان يتوقع ان تذهب لشخصه. من هذا المنطلق يمكن القول أنه سيتفرغ الآن للعائقين المتبقيين: إيران وحزب الله. والمرجح أن إسرائيل ستتولى عملية إنهاء حزب الله في حرب جديدة”.
أكثر ما يخشاه أبو صعب النتائج التي ستترتب على الضربة الإسرائيلية القاضية على لبنان وبها يختم” هناك ضربة قاضية وليس عملية اجتياح يليها انسحاب مع إعلان الجنوب من الأولي “no man s land” وبالتالي لا أعمار وسنشهد على عملية ترانسفير شيعي إلى العراق وتغيير في الخارطة الديمغرافية فهل تدرك الدولة ما ينتظرها؟ لكن عزاؤنا على المدى البعيد أن السلام آت وسيكون هناك سلام ولا حروب جديدة في المنطقة”.