سلايدات

وَهْما “الثنائي”: لا عودة ولا إعادة إعمار

كتب داني حداد في موقع Mtv:

بعيداً عن السجال غير المباشر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام حول اهتمام الحكومة بالجنوب، يبدو الكلام عن إعادة إعمار في جنوب لبنان أقرب الى الوهم، وهو ما يعرفه جيّداً بري قبل غيره.

يعرف رئيس مجلس النواب أيضاً، كما جميع اللبنانيّين، أنّ من تسبّب بدمار الجنوب واحتلال أجزاءٍ منه واستشهاد عددٍ كبيرٍ من أبنائه ونزوح آخرين وخسارة مساحات زراعيّة هو من أصرّ، من دون سؤال الحكومة، على الدخول في حرب إسنادٍ انتهت بخسارة من سندَ وتفاهم المسنود، أي “حماس”، مع المحتلّ على استسلامٍ مقنّع.
يمكننا أن نقول، براحة ضمير، إنّ من تسبّب بالحرب وأعلن ذات يوم على لسان أمينه العام أنّه مستعدّ لإعادة الإعمار، يجب أن يتحمّل مسؤوليّته، وكلّ كلامٍ عن تحمّل الدولة، العاجزة أصلاً، مسؤوليّة إعادة الإعمار هو “كلام فاضي”.
حتى لو افترضنا أنّ الدولة مستعدّة للأمر، فإنّ أكثر من مصدرٍ دبلوماسيّ عربيٍّ وغربيّ يؤكّد، جازماً، أنّ إسرائيل ليست في وارد القبول بإعادة إعمار البلدات التي دمّرتها، وهي لن تسمح أيضاً بعودة أهالي القرى والبلدات إليها، إلا بعد الانتهاء تماماً من عمليّة تسليم السلاح والدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.
هذا الواقع يعرفه، وتبلّغه عبر أكثر من قناة، رئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، ما يجعل الكلام عن إعادة إعمار للاستهلاك المحلّي حصراً، إرضاءً للجنوبيّين قبيل موسم الانتخابات.
والحقيقة أنّ الحكومة، كما فنّد سلام بالأرقام، غير مقصّرة أبداً مع الجنوب، ووزير الخارجيّة، “المتّهم” بالتقصير من حزب الله، أعطى توجيهاته لرفع شكوى ضدّ إسرائيل، والدولة كلّها استنكرت الاعتداء الأخير على المصيلح، أمّا من يظلم الجنوبيّين فعلاً، كما جميع اللبنانيّين، فهو من يتمسّك بسلاحه غير آبهٍ بالضرر الذي يتسبّب به، بحقّ الشيعة قبل الآخرين، وقد عاشوا الأمرّين حين أرغموا على هجرة منازلهم والسكن في مدارس و”البهدلة” على الطرقات…
وما يعرفه الرؤساء أيضاً أنّ بنيامين نتنياهو قد يقرّر، في أيّة لحظة، شنّ حربٍ على لبنان وهو سيفعل ذلك حتماً في حال حصول أيّ هجومٍ من داخل الأراضي اللبنانيّة، ما يجعل كلّ كلامٍ عن استعادة حزب الله لقوّته، وما يصدر على لسان “محلّليه” الذين باتوا أقرب الى مهرّجين، أوهاماً تدعو إلى السخرية.
فبإمكان حزب الله أن يحشد في مدينة كميل شمعون الرياضيّة، التي نزع عنها اسمها، وبإمكانه أن يضيء صخرة الروشة مساء كلّ سبت، وبإمكانه أن ينتج الفيديوهات التي ترفع “الأدرينالين” لدى جمهوره، وبإمكانه، خصوصاً، أن يحقّق انتصاراً في الانتخابات النيابيّة المقبلة، ولكن لم يعد باستطاعة “الحزب” أن يقنع عاقلاً واحداً أنّ بمقدوره مواجهة إسرائيل أو مقاومتها أو إزالتها، كما توهّم ذات يوم بالسير على طريق القدس وبلوغ الجليل.

هو حزب الأوهام فعلاً. وبعد، لن ننسى، وعلى جمهور حزب الله ألا ينسى، أنّ تجمّع الروشة، والحشد الكشفي، وتحرّكات قياديّي “الحزب” ونوّابه، تحصل كلّها لأنّ نتنياهو يسمح بها. وقد يأتي يومٌ يتبدّل فيه المشهد كلّه. فتواضعوا واتّعظوا و… “روقوا علينا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى