
تفاعلت داخليًا الاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان، ولا سيما منها الهجوم التدميري الأخير على منطقة المصيلح، الذي جاء غداة الاتفاق على وقف الحرب في غزة، استناداً إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأثار مخاوف من أن يكون مقدّمةً لحرب إسرائيلية جديدة على لبنان.
وما استقرأه معظم المراقبين والمعنيين من الغارات على المصيلح أن إسرائيل أبلغت لبنان مباشرة بعزل أي تأثيرات إيجابية لاتفاق غزّة عن الوضع في لبنان، بمعنى ترك الميدان اللبناني مفتوحًا أمامها ما دام سحب السلاح تمامًا ونهائيًا من “حزب الله” لم يُنجز ولن يُنجز قريبًا.
وفي هذا السياق، علمت صحيفة “نداء الوطن” أنّ الملف الأمنيّ قفز إلى الواجهة بعد غارات المصيلح، وكثّف لبنان الرسمي اتصالاته، وبرز في هذا الإطار موقف متقدّم لرئيس الجمهورية، الذي يستمرّ في موقفه الداعي لحصر السلاح، والمُطالب لمن دخلوا “حرب الإسناد” نصرة لغزّة، بأن يشاهدوا ماذا فعل من ساندوهم ويقفوا الموقف نفسه، ويتقدّموا خطوة إلى الأمام باتجاه مساندة الدولة والشرعية التي وحدها تحمي، ويباشروا بالتعاون من أجل حصر السلاح، وبالتالي يُعتبر هذا الموقف دعوةً صريحةً من الرئيس عون لـ”حزب الله” من أجل الابتعاد عن إدخال لبنان في مشاكل المنطقة، والمباشرة بحصر السلاح لأن العناد قد يوصل إلى نتائج كارثية.
وسط هذه الأجواء، اتصل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام أمس بوزير الخارجية يوسف رجّي، وطلب منه “تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن في شأن العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف منشآت مدنية وتجارية في المصيلح، بما يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقرار 1701 ولترتيبات وقف الأعمال العدائية الصادرة في تشرين الثاني الماضي”. وعلى الأثر، طلب رجّي من مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة في شأن شنّ غارات إسرائيلية على مجموعة معارض خاصة بالجرافات والحفارات، وطلب نشر رسالة الشكوى وتوزيعها كوثيقة رسمية على الدول الأعضاء في المجلس.
ويتزامن ذلك مع عقد مجلس الأمن الدولي في الثالثة بعد ظهر اليوم الاثنين بتوقيت نيويورك جلسة مشاورات مغلقة حول تنفيذ القرار 1559. ومن المرتقب أن يتلقّى أعضاء مجلس الأمن إحاطتهم نصف السنوية حول تقرير الأمين العام بشأن تنفيذ القرار الذي اعتُمد عام 2004، ودعا إلى انسحاب القوات الأجنبية من لبنان، ونزع سلاح جميع الميليشيات، وبسط سيطرة الحكومة على كامل الأراضي اللبنانية. ومن المتوقّع أن تُقدّم الإحاطة حول تنفيذ القرار المذكور وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو.
موجة التصعيد الأخيرة تمدّدت أيضًا نحو قوات “اليونيفيل”، التي أصدرت بيانًا في شأن إلقاء طائرة إسرائيلية السبت قنبلةً قرب القوات الدولية في جنوب لبنان.
وذكر البيان أنّ القنبلة انفجرت بالقرب من موقع تابع لليونيفيل في بلدة كفركلا، ما أسفر عن إصابة أحد جنود حفظ السلام بجروح طفيفة.
واعتبر البيان أن “هذا الحادث يُمثل انتهاكًا خطيرًا جديدًا للقرار 1701، واستخفافًا مُقلقًا بسلامة جنود حفظ السلام الذين ينفذون مهامهم بموجب تفويض مجلس الأمن”.
وختم البيان: “تجدد اليونيفيل دعوتها لجيش الدفاع الإسرائيلي إلى وقف جميع الهجمات على جنودها أو بالقرب منهم الذين يعملون من أجل تعزيز الاستقرار الذي التزمت كل من إسرائيل ولبنان بالحفاظ عليه”.