
كتب معروف الداعوق في اللواء:
حرّكت دعوة رئيس الجمهورية جوزاف عون للتفاوض مع إسرائيل، لحل المشاكل العالقة معها ووقف الدمار الحاصل وعدم البقاء خارج مسار تسوية الازمات بالمنطقة، الوضع السياسي من جموده، وأخرجته من دوامة الترقب والانتظار، الى المبادرة، والتقدم خطوة الى الامام، لتوظيف المناخات المؤاتية اقليميا ودوليا، املاً بالتوصل الى الحلول المطلوبة لمشكلة الاحتلال الاسرائيلي للتلال الخمس جنوباً، وإنهاء الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، وبقية المشاكل المنبثقة عنها.
وبينما لم تصدر اي مواقف سياسية وازنة رداً على موقف رئيس الجمهورية هذا، والذي اعتبره البعض مفاجئاً، ولم يكن يتوقعه في هذا الوقت بالذات، وهو ما يعني استناداً، لمصدر سياسي بمثابة تأييد ضمني لهذا الموقف، وإن كان من دون اعلام رسمي، بينما يبقى التزام حزب الله الصمت، وعدم اعلان عن اي رد او تعليق، موضع تساؤل واستفسار، لاسيما وأنه لم يكن في حساباته، ان يصدر عن رئيس الجمهورية مثل هذا الموقف، في ذروة الاعتداءات العسكرية الاسرائيلية على مواقع ومستودعات الاسلحة والذخيرة واستهداف عناصر ومسؤولي الحزب في مناطق لبنانية عدة.
هل يعني ذلك ان موقف رئيس الجمهورية سالك باتجاه التفاوض مع اسرائيل ومن دون عراقيل او مطبات تعيق ذلك؟
في رأي المصدر أن هناك رغبة عارمة لدى الغالبية الساحقة من اللبنانيين للخروج من حالة التصعيد والاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة جنوباً، منذ التوصل الى اتفاق وقف الاعمال العدائية قبل عام تقريبا، ولوضع حدٍ لاستنزاف ارواح المواطنين أياً كانوا وتدمير الممتلكات بلا طائل، وهذا لا يمكن تحقيقه بأي اساليب اخرى، غير التفاوض، في ظل اختلال موازين القوى العسكرية بالمنطقة كلها، وعدم قدرة لبنان على المواجهة العسكرية، في حين وتعتبر هذه الرغبة من العوامل المهمة لسلوك دعوة رئيس الجمهورية طريقها الى الامام، مع وجود رغبة لدى الاميركيين للتوسط بين لبنان واسرائيل، لدفع مسار المفاوضات نحو حل كل المشاكل القائمة بين البلدين دفعة واحدة.
وبالنسبة لموقف حزب الله، يعتبر المصدر ان الحزب محرج، لانه لا يملك بمفرده قرار تأييد او رفض دعوة رئيس الجمهورية للتفاوض مع اسرائيل، واستنادا الى وقائع سابقة، ينتظر موقف طهران بهذا الخصوص، وإن يكن ما تم تداوله من معلومات تفيد باستياء في اوساط الحزب من موقف عون هذا، لانه يُسقط من الحزب ورقة مهمة يتذرع بها باستمرار، للابقاء على سلاحه خارج سلطة الدولة، وهي استمرار الاحتلال الاسرائيلي لمناطق جنوبية.
لكن التطورات المتسارعة بالمنطقة بعد وقف حرب غزة وتوقيع حركة حماس على اتفاق وقف اطلاق النار مع اسرائيل، وبقاء الحزب وحيداً بمحور الممانعة، يتمسك بسلاحه من دون مواجهة مع اسرائيل، تضعف موقف الحزب اذا رفض دعوة رئيس الجمهورية للتفاوض مع اسرائيل حتى انعدام تأثيره.