
كانت مبادرة الرئيس جوزاف عون محور لقائه، قبل ظهر أمس، مع الرئيس نبيه بري في بعبدا، حيث شكَّلت الأوضاع الأمنية في الجنوب محورًا أساسيًا إضافيًّا في الاجتماع الذي اكتفى بعده بري بالقول: “اللقاءات دائمًا ممتازة مع فخامة الرئيس”.
وأتى لقاء عون مع بري بعد ثلاثة أيام على اجتماع رئيس الجمهورية جوزاف عون مع رئيس الحكومة نواف سلام وبعد ساعات على تغريدة المبعوث الأميركي توم باراك الذي حذَّر لبنان من أنَّ التردُّدَ في نزع سلاح حزب الله قد يفتح الباب لتحرُّكٍ إسرائيلي.
وقال باراك عبر منصة “إكس”، في منشور له بعنوان: “وجهة نظر شخصية – سوريا ولبنان القطعتان التاليتان نحو سلام المشرق”، إنَّ “13 تشرين الأول 2025 سيُذْكَر كلحظة فارقة في دبلوماسية الشرق الأوسط الحديثة”.
وفي الشأن اللبناني قال: “حان الوقت الآن ليتحرَّكَ لبنان بشأن سلاح حزب الله”، محذِّرًا من أنَّه “إذا استمرَّت بيروت في التردُّد بشأن نزع السلاح فقد تتصرَّف إسرائيل بشكلٍ أحادي وستكون العواقب وخيمة”.
وأضاف: “الاعتقاد أنَّ ميليشيا واحدة قادرة على تعطيل الديمقراطية قد يدعو إلى تدخل إقليمي ويُخاطر بدفع لبنان من الأزمة إلى انهيار مؤسَّسي كامل”.
وأوضح باراك: “في وقت مبكر من هذا العام، قدَّمت الولايات المتحدة خطة (محاولة واحدة أخرى)، وهي عبارة عن إطار لنزع السلاح المرحلي، وحوافز اقتصادية تحت إشراف الولايات المتحدة وفرنسا لكن رفض لبنان اعتمادها بسبب تمثيل وتأثير حزب الله في مجلس الوزراء اللبناني”.
وأشار إلى أنَّ “الخطوات الشجاعة لسوريا نحو اتفاق حدودي، آمِلةً تطبيعًا مستقبليًا، تشكِّل أولى خطوات تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل. ويجب أن يكون نزع سلاح حزب الله الخطوة الثانية”، معتبرًا أنَّ لبنان “يواجه الآن خيارًا حاسمًا: أن يسلك طريق التجديد الوطني أو يبقى غارقًا في الشلل والتدهور”.
ورأى أنَّه “إذا فشلت بيروت في التحرُّك، فإنَّ الذراع العسكرية لحزب الله ستواجه حتمًا إسرائيل مواجهةً كبيرة، في لحظة قوة إسرائيل ونقطة ضعف حزب الله المدعوم من إيران. وفي المقابل، سيواجه جناحه السياسي على الأرجح عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات أيار 2026”.
من جهته، قال الرئيس برّي لصحيفة “الشرق الأوسط” إنَّ المسار الوحيد حاليًا هو مسار “الميكانيزم” الذي يضمُّ ممثلين للدول المعنية والراعية لاتفاق وقف العمليات العدائية الذي أوقف حرب لبنان الأخيرة في تشرين الثاني الماضي.
وقال الرئيس بري إنَّ باراك أبلغ لبنان بأنَّ إسرائيل رفضت مقترحًا أميركيًا يقضي بإطلاق مسار تفاوضي يُسْتَهَلُّ بوقف العمليات الإسرائيلية لمدة شهرَيْن، وينتهي بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية وإطلاق مسار لترسيم الحدود وترتيبات أمنية، وتاليًا، يقول بري إنَّه “تَمَّ التراجع عن أي مسار للتفاوض مع إسرائيل، ولم يَبْقَ سوى الآلية المتبعة عبر لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم)”.
وأشار إلى أنَّه “حصل تطور مهم في آلية عملها، بعدما باتت تجتمع كل أسبوعين، خلافًا للمسار الذي اتبعته في السابق”، حيث كانت تعقد اجتماعات متقطعة ومتباعدة.
وأمام هذه التطورات، رفض بري القول إنَّه متشائم أو متفائل، قائلًا: “أنا مُتَشَائِل”، في إشارة إلى مساحة مختلطة بين التشاؤم والتفاؤل.
في هذا السياق، أعربت مصادر مُطَّلِعَة في اتصال مع “الأنباء الإلكترونية” عن قلقها من “انتهاء فترة السماح الأميركية التي مُنِحَت للبنان عندما تبنَّى مجلس الوزراء قرار تكليف الجيش اللبناني سحب السلاح غير الشرعي”، ورأت أنَّ الموقف الأميركي ينتظر خطوات تنفيذية وفي مقدمتها سحب سلاح حزب الله قبل الشروع في خطوات تفاوضية أخرى.
وأوضحت المصادر أنَّ “الولايات المتحدة الأميركية تعتبر أنَّ باستطاعة حزب الله تخريب المسار السلمي في المنطقة وأنَّه ما زال يمتلك ترسانةً عسكريةً تخضع لأوامر إيران، وأنَّ عليه إمّا أن يبادر إلى تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، أو أن يتحمَّل تبعات موقفه”.