سلايدات

حركة دبلوماسية محمومة تسابق التصعيد: خطة مصرية لنزع السلاح!

كتب منير الربيع في المدن:

يستعد لبنان لأسبوع حافل ديبلوماسياً، بالتزامن مع انعقاد اجتماع جديد للجنة مراقبة وقف إطلاق النار- “الميكانيزم”، برئاسة رئيسها الجديد الجنرال جوزيف كليرفيد، وحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس. كذلك فإن لبنان على موعد مع زيارة أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ومدير المخابرات المصرية حسن رشاد، في ظل معلومات تتحدث عن زيارة جديدة سيجريها المبعوث الأميركي توم باراك إلى بيروت، على أن تكون الزيارة الأخيرة، طالما أن السفير الاميركي الجديد في بيروت ميشال عيسى سيصل إلى لبنان قبل 10 تشرين الثاني، وسيكون هو المسؤول عن الملف اللبناني بالكامل. 

كل الزيارات هدفها حث الدولة اللبنانية على تكثيف تحركاتها، من أجل سحب سلاح حزب الله وحصره بيدها، واستكمال انتشار الجيش اللبناني في الجنوب.

تأتي أورتاغوس إلى بيروت قادمة من إسرائيل، بعد عقدها لقاءات مع المسؤولين هناك للبحث في كيفية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وسط معلومات لبنانية تؤكد أن الاتصالات مع الأميركيين تتركز على ضرورة وقف الضربات الإسرائيلية وخفض التصعيد، طالما أن لبنان يلتزم بمسار سحب السلاح، وإعطاء لبنان الفرصة والمجال لتطبيق ذلك، مع تشديد المسؤولين اللبنانيين على أن مواصلة التصعيد الإسرائيلي يعيق عملية حصر السلاح، ويعرقل مسار انتشار الجيش. ولذلك، يحاول لبنان مع الولايات المتحدة الأميركية العمل على وضع مسار واضح لتراجع الضربات الإسرائيلية، وصولاً إلى وقفها، في مقابل أن يكثف الجيش اللبناني من تحركاته لحصر السلاح. خصوصاً، أن المصادر المتابعة تؤكد أن الجيش يحقق المزيد من التقدم في مهمته، وهو يعمل بصمت ويكتشف مواقع الحزب، ويعمل على احتواء السلاح. إذ أنه حتى ولو لم يتم تفجير هذه المواقع أو تفكيكها وسحب السلاح منها، يتم العمل على إغلاق مداخل ومخارج هذه المواقع ومنع استخدام السلاح أو تحريكه.

تركت اللقاءات التي عقدها رئيس لجنة الميكانيزم مع المسؤولين اللبنانيين ارتياحاً لديهم. إذ اعتبروا -وفق ما تشير مصادر قريبة من الرؤساء- أن موقفه يتضمن تفهماً للمسار الذي يعمل عليه لبنان لتحقيق مبدأ حصرية السلاح، وأنه كان متجاوباً مع مطالبته من قبلهم بضرورة الضغط على إسرائيل لوقف ضرباتها، وأيد مبدأ تكثيف اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار. وحسب المعلومات، فقد تم الاتفاق على أن يتم عقد حوالى 10 اجتماعات للجنة من الآن وحتى نهاية السنة. ستتوزع هذه الاجتماعات على نوعين، الأول هو الاجتماعات للجنة العليا التي تكون برئاسة الجنرال الأميركي وتحضر بعضها مورغان أورتاغوس، والثاني على مستوى اللجنة التنفيذية التي ستجتمع على مستوى ضباط ذات رتبة منخفضة، لمتابعة مسار تطبيق خطة الجيش لحصر السلاح.

يأتي ذلك بالتزامن مع تكثيف الضغوط الديبلوماسية على لبنان، من أجل الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل. هذه الفكرة لم تعرض للمرة الأولى بل عرضت كثيراً في السابق، لكن لبنان تمسك بمبدأ التفاوض غير المباشر، وبعدم رفع مستوى تمثيله سياسياً أو ديبلوماسياً. وعندما اقترح لبنان أن يتم عقد هذه الجلسات التفاوضية بالتزامن مع وقف الضربات الإسرائيلية ووضع جدول للانسحاب من الجنوب، رفض الإسرائيليون هذا المقترح. وبحسب ما تكشف مصادر ديبلوماسية، فإن الأميركيين وعندما فاتحوا وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر في مسألة المفاوضات المباشرة، لم يبد ديرمر حماسة لهذا الأمر، ولا استعداداً لتقديم أي تنازل إسرائيلي لتحقيق هذا التفاوض، بل كان جوابه أن إسرائيل تعرف جيداً كيف تتعامل مع الملف اللبناني، وكيف ستضغط لأجل دفع لبنان الى القبول بما يرفضه. في المقابل، على المستوى اللبناني، التنسيق قائم بين الرؤساء ومع الدول المعنية برعاية اتفاق وقف إطلاق النار، وهناك تمسك بالمفاوضات غير المباشرة، وفق الصيغة التي اعتمدت في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.

أمام هذه الوقائع، تبدو الصورة وكأنها تشهد سباقاً بين التحركات الديبلوماسية واحتمالات التصعيد العسكري، خصوصاً في ظل التسريبات الإسرائيلية المستمرة عن الاستعداد للدخول في مواجهة جديدة مع حزب الله، وفي ظل التسريبات الإسرائيلية عن استعادة حزب الله لبناء قدراته، ليبدو ذلك وكأنه محاولة تبرير من قبل الإسرائيليين للتصعيد في ضرباتهم والضغط أكثر على حزب الله ولبنان. في هذا السياق، تشير مصادر ديبلوماسية إلى وجود تضارب في وجهات النظر والتقييمات حول حقيقة الوضع. فهناك من يستبعد لجوء إسرائيل إلى تنفيذ عمليات عسكرية موسعة وتكثيف الضربات وتصعيد نوعيتها للضغط على الحزب والدولة، في مقابل من يستبعد ذلك ويعتبر أن إسرائيل ستحافظ على هذه الوتيرة مع إمكانية تصعيدها نسبياً، ولكن من دون اللجوء إلى الدخول في عملية عسكرية واسعة ولا تكرار تجربة حرب أيلول 2024.

ومن بين القراءات المختلفة لآلية التعامل الإسرائيلي مع الملف اللبناني، هناك من يشير إلى أن إسرائيل لا تزال تلتزم بالمهلة التي تم وضعها، وهي حتى شهر كانون الأول المقبل. وأنه في حال لم يكن لبنان قد حقق المطلوب منه على طريق سحب السلاح، حينها ستلجأ إسرائيل إلى تكثيف وتصعيد عملياتها العسكرية. في هذا السياق، سيتلقى لبنان المزيد من الرسائل التي تصب في هذا الاتجاه. وربما في هذا الإطار تندرج زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى بيروت، خصوصاً في ضوء معلومات تفيد بأن مصر تبدي تخوفها من احتمالية زيادة التصعيد الإسرائيلي. وبحسب المعلومات، فإن رئيس المخابرات المصرية كان له الدور الأبرز في الوصول إلى الاتفاق الذي تحقق في غزة، وهو سيطرح مع المسؤولين اللبنانيين إمكانية إنتاج اتفاق مماثل في لبنان مع حزب الله، على قاعدة التفاهم لمعالجة ملف السلاح بدلاً من الصدام، ذلك لا ينفصل بحسب ما تكشف مصادر ديبلوماسية عن محاولات مصرية للعب دور تفاوضي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى